ج ٩، ص : ١٢٣٧
فقالت لها أمها : قومى لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.. فقالت : واللّه لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا اللّه عز وجل الذي أنزل براءتي » !! إنها ثورة الحرة على شرفها، وعلى شرف النبىّ الذي شرفت بزواجها منه، وعلى شرف بيت النبوّة الذي ضمّت إليه، وعلى شرف بيت الصديق الذي نبتت منه!!.
وتهدأ العاصفة، وتخمد نار الفتنة، ويخرج أبو بكر وآله من هذه المحنة بأعظم مغنم، لم يكن لأحد من المؤمنين أن يشاركه فيه.. فقد نزل الوحى فى بيت أبى بكر، بستّ عشرة آية من القرآن الكريم، هى فى شأن أبى بكر، وبنت أبى بكر! لقد كان المسلمون يتعبدون فيما يتعبدون به من آيات القرآن الكريم، بقوله تعالى :« إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ، إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا.. فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها، وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى، وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ » (٤٠ : التوبة) ـ وإنهم منذ الآن ليتعبدون إلى آخر هذه الحياة الدنيا، بتلك الآيات الست عشرة أيضا.. وكأنّ ذلك استغفار متصل من المؤمنين جميعا لأبى بكر، وبنت أبى بكر، من هذا المنكر الذي جاءت به عصبة من المؤمنين!.
وانظر إلى تدبير اللّه سبحانه، وإلى غيوث رحمته، وسوابغ فضله على المخلصين من عباده..
لقد كانت هجرة النبىّ، وإخراجه من بلده، والمسجد الحرام، غاية ما وصل إليه المشركون من إيذاء للنبىّ، فى مشاعره.
وكان « الغار » على طريق الهجرة، الغاية القصوى لما كان يمكن أن