ج ٩، ص : ١٢٤١
عن مواطن الشبهات.. وأنه أبدا على هذه البراءة حتى تثبت إدانته.. أما قبل هذا، فإن كلّ كلمة سوء تقال فيه، هى إثم كبير، وبهتان عظيم.. يستحق قائل السوء فيه أن يساق إلى موقف الاتهام، وأن يطالب بالدليل القاطع على صدق ما يقول، وإلا فالحدّ فى ظهره.. تأديبا له، وقصاصا لحرمة هذا المؤمن، أو المؤمنة.. واللّه سبحانه وتعالى يقول :« وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ » (١٩٤ :
البقرة)..
قوله تعالى :« لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ ».
« لَوْ لا » هنا للتمجيز، وليست للتحضيض.. إذ لم يكن من الممكن الإتيان بأربعة شهداء، يشهدون على هذا المنكر، لأنه إن أمكن اصطياد أربعة ممن يشهدون عليه زورا، فإن الزور سينفضح، حيث ستختلف أقوالهم، وتضطرب ألوان الصورة التي يصورون بها الواقعة المزورة، لأن كلا منهم يصورها حسب ما تمليه عليه أوهامه وخيالاته، وهيهات أن يلتقى وهم مع وهم، أو يجتمع خيال إلى خيال، وإن أحكموا فيما بينهم تدبير الأمر، وعملوا على سد الخلل فيه!! وفى قوله تعالى :« فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ » ـ إشارة إلى أنهم لم يأتوا بهم، لأن هذا الأمر لم يشهده أحد.. فقد كانت أم المؤمنين، وكان معها صفوان ابن المعطّل.. ولم يكن أحد غيرهما، وذلك على ما رأى المسلمون وغير المسلمين جميعا.. فأى شاهد يمكن أن يجىء ويقول : إنه شهد شيئا كان بين أم المؤمنين وصفوان ؟.


الصفحة التالية
Icon