ج ٩، ص : ١٢٤٦
هو بيان من اللّه سبحانه وتعالى للمؤمنين الذين خاضوا فى هذا الحديث، أو استمعوا له، أو سكتوا عنه، وتوجيه لهم إلى الموقف الذي كان ينبغى أن يقفوه من هذه الفتنة، وتلقين لهم بالكلمة التي كان يجب أن يلقوا بها هذا البهتان العظيم.
فليس للمؤمن إلا موقف واحد من هذا الحديث، وهو إنكاره، وبهت المتحدثين به، ووضعهم موضع التهمة بالكذب والافتراء..
وفى قوله تعالى :« إِذْ سَمِعْتُمُوهُ » ـ إشارة إلى أن الأمر لم يكن إلا حديثا يدار على الألسنة، ويلقى به على الأسماع، وأنه لم يكن عن رؤية ومشاهدة..
وفى قوله تعالى :« ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا » إشارة أخرى إلى أن هذا الحديث الآثم، لا ينبغى لمؤمن أن ينطق به، لأنه عدوان على النبىّ، وجرح غائر لمشاعره، وإيذاء شديد له.. وليس مؤمن ذلك الإنسان الذي يسوق إلى النبي شيئا يسوءه، أو يخدش مشاعره.. واللّه سبحانه وتعالى يقول :« وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ » (٦١ : التوبة).
فلو فرض وكان هذا الأمر على شىء من الحقيقة ـ فإن الإيمان باللّه ورسوله يقتضى المؤمن أن يدفع هذا السوء الذي يعرض للنبى، وأن يتلقاه دونه، ويحمله عنه.. إن وجد إلى ذلك سبيلا..
أما أن يكون خطبا يزيد النار اشتعالا، فذلك هو الذي لا يجتمع معه إيمان، ولا يبقى معه دين.. لأن الإيمان ولاء، وحب وتقديس، والدين عبادة وصلاة وتسبيح..
قوله تعالى :« يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ».