ج ٩، ص : ١٣٥٤
والافتراء على اللّه، سببا في كفرهم، وفي اتخاذهم آلهة يعبدونها من دون اللّه..
ولكن نظم القرآن وإعجازه، هو وحده الذي يستولى على الحقيقة كاملة، حيث ينفذ إلى الصدور، وينكشف ما تجنّ من خلجات وخطرات..
فهؤلاء الذين التقوا بكلمات اللّه، وقالوا فيها هذا القول المنكر، إنما التقوا بها، وقد فسدت فطرتهم، بما دخل على قلوبهم من مرض، وما غطّى على عيونهم من موروثات الضلال.. ولو أنهم التقوا بآيات اللّه من غير أن يكون معهم هذا الداء الذي تمكن منهم، وأفسد عليهم فطرتهم ـ لكان لهم فى آيات اللّه قول غير هذا القول، ولرأوا في سناها الوضيء وجه الحق، فاهتدوا إلى اللّه، وآمنوا به، وبرسوله، وبكلماته..!
وكيف يرجى من عقول تملى لأصحابها أن ينحتوا بأيديهم صورا من أحجار ثم يخرون بين يدى هذه الأحجار عابدين، يرجون منها ما لا يرجونه من أنفسهم، ويحملون عليها من آلامهم، وآمالهم ما لا يحتملون هم، أفرادا، أو جماعات ـ كيف يرجى من هذه العقول أن تعقل آيات اللّه، وما تحمل فى كيانها من أنوار الحق، والخير، والإحسان ؟ ذلك ما لا يكون!.
وإذن، فهذا القول الذي يقوله هؤلاء الكافرون في آيات اللّه.. هو من منطق هذه العقول التي تتعامل مع الدّمى، وتقف بين يديها هذا الموقف الذليل المستكين..
قوله تعالى :« وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ، وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ.. ».
والإفك : هو الزّور والبهتان..
والافتراء خلق الأكاذيب، ونسبتها إلى الغير..


الصفحة التالية
Icon