ج ٩، ص : ٨٥٣
وفى هذا أيضا إشارة إلى ما يكشف عنه المستقبل من موقف قريش، والعرب، من الدعوى الإسلامية، وأنهم جميعا سيدخلون فى دين اللّه، وسيبقى ذكر العرب خالدا ما ذكر الإسلام الخالد.
فالعرب ـ كما فى المأثور ـ هم :« مادّة الإسلام ».
. وبجهادهم فى سبيل اللّه امتدّ ظلّ الإسلام، واتسعت رقعته، ورفرفت أعلامه فى كل أفق من آفاق الدنيا..
وفى قوله تعالى :« أَفَلا تَعْقِلُونَ » نخسة رقيقة، تدعو هؤلاء القوم، وتدفع بهم دفعا إلى أخذ حظهم من الكتاب المنزل إليهم.. إنها غمزة حبّ، وإغراء، ودفعة من يد كريمة رحيمة ودود!! قوله تعالى :« وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ ».
هو تعريض بأهل القرية « مكة »، وتهديد لهم بأن يسلكوا فى عداد القرى الظالمة التي قصمها اللّه، أي أهلكها، وقطع دابرها.. ثم أقام مكانهم « قَوْماً آخَرِينَ ».
والقصم : القطع الحاسم، وهو أشد من القضم.
قوله تعالى :« فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ ».
البأس : العذاب، والبلاء.
أي فلما أراد اللّه أن يأخذ الظالمين بظلمهم، ساق إليهم بأسه وعذابه..
فلما استشعروا وقوع العذاب بهم، بما طلع عليهم من مقدماته ونذره، ذعروا، وأخذوا يركضون، أي يجرون مسرعين فى فزع واضطراب، فرارا من تلك


الصفحة التالية
Icon