ج ٩، ص : ٨٦٧
الضالين، من الكافرين والمشركين، وعرضت تصوراتهم المريضة، لجلال الألوهية وكمالها، حتى لقد بلغ بهم الإسفاف فى ضلال العقل، وسخف النظر، ما أوردهم هذا المورد الذي ينزلون فيه إلى هذا المنحدر من الضلال، فيعبدون أحجارا، وحيوانات، وأناسىّ، ويجعلونها آلهة، تخلق، وترزق، وتحيى، وتميت..!
فجاءت هذه الآية تلفت هؤلاء الضالين إلى ما هم فيه من ضلال وشرود عن عن اللّه، الواحد، المتفرد بالألوهية والملك والسلطان..
وفى اختصاص الذين كفروا بالذكر هنا، لأنهم هم الذين عمّوا عن هذه الآيات فضلّوا وكفروا، أما المؤمنون فقد كان لهم نظر دائم إلى هذا الوجود، وتفكير متصل فى أسراره وعجائبه، فهم كما وصفهم اللّه سبحانه فى قوله :
« يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ » (١٩١ : آل عمران)..
وفى قوله تعالى :« أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما » إلفات إلى قدرة اللّه سبحانه وتعالى، وإلى ما أبدع وصور فى هذا الوجود..
فالسموات والأرض، كانتا شيئا واحدا، وكتلة متضخمة من المادة..
«كانَتا رَتْقاً » أي منضما بعضهما إلى بعض، فلا سماء، ولا أرض.. بل كون لا معلم فيه.. ثم كان من قدرة اللّه ومن علمه، وحكمته، أن أقام من هذا الكون المتضخم، هذا الوجود، فى سمائه وأرضه، وما فى سمائه من كواكب ونجوم، وما على أرضه من إنسان، وحيوان، ونبات، وجماد.. « كانَتا رَتْقاً