ج ٩، ص : ٨٦٩
وأخبتوا له، ولا متلأت قلوبهم خشية ورهبة لسلطانه العظيم، الآخذ بناصية كل شىء، ولأفادوا من ذلك علما كثيرا يمكّن لهم فى الأرض، ويسخر لهم من قواها مازال متأبيا عليهم، بعيدا عن متناول أيديهم..
فالإيمان لا يقع من القلب موقع الاستقرار والاطمئنان، إلا إذا جاء عن علم باللّه، وبما للّه من صفات الجلال والكمال..
قوله تعالى :« وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ».
هو إلفات إلى ما صنع اللّه سبحانه وتعالى بالأرض، بعد أن فصلها عن مادة الوجود، وصورها على تلك الصورة.. فقد جعل اللّه سبحانه وتعالى فيها جبالا راسية ثابتة، تشدّها، وتمسك بها أن تميد وتضطرب، وجعل فى هذه الجبال فجاجا، أي فجوات، وهى سبل يسلكها الناس فى انتقالهم من جهة إلى أخرى.
ويجعلون منها معالم يتعرفون منها إلى الأماكن والجهات، حتى لا يضلّوا فى أسفارهم..
قوله تعالى :« وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ ».
وكما أوجد اللّه سبحانه الأرض على هذه الصورة، وجعل فيها رواسى، وفجاجا سبلا، كذلك أقام السماء كما نرى، سقفا محفوظا بيد القدرة، فلا يقع علينا..
وفى قوله تعالى :« وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ » إشارة إلى ما فى السماء