ج ٩، ص : ٩٠١
ـ وقوله تعالى :« فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ » هو تهديد لهؤلاء المشركين، وأنه سيحيق بهم ما حاق بالمستهزئين من قبلهم برسل اللّه، وسيلقون حساب هذه السخرية عذابا ونكالا..
قوله تعالى :« قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ».
الكلأ، والكلاءة : الحفظ والرعاية، والحراسة.. يقال : كلأه اللّه :
أي حرسه وحفظه.. ومنه الكلأ، وهو العشب الذي ترعاه الماشية، والذي عليه قوام حياتها..
والمعنى : من يكلؤكم أيها المكذبون الضالون المشركون، ويحفظكم من اللّه إن أراد بكم سوءا، أو أخذكم بعذاب من عذابه بالليل أو بالنهار ؟ أهناك من آلهتكم ومعبوداتكم من يدفع عنكم بأس اللّه إن جاءكم ؟ انظروا إلى هذه الآلهة وماذا يمكن أن يكون لها من حول وطول أمام حول اللّه وطوله ؟ إنه لا شىء إلا العجز والاستخزاء..
وفى الآية الكريمة إشارتان :
الأولى فى قوله تعالى :« يَكْلَؤُكُمْ » وقد جاءت بمعنى يمنعكم، ويحرسكم..
وفى التعبير عن هذا بالكلاءة إشارة إلى أن الإنسان ـ مهما ملك من جاه وقوة وسلطان ـ هو كائن عاجز ضعيف، محتاج إلى قوة عليا، ترعاه، وتمدّه بأسباب الحياة والبقاء.
والإشارة الثانية فى قوله تعالى :« مِنَ الرَّحْمنِ » وقد جاءت هذه الصفة الكريمة من صفات اللّه سبحانه وتعالى، لتشير إلى واسع رحمته، وعظيم فضله، وأنّ هؤلاء المشركين الضالين، قد بالغوا فى غيّهم، وضلالهم، ومحادّتهم للّه