ج ٩، ص : ٩٤٢
رابعا ـ يبتلى المحسنون والصالحون من عباد اللّه بما يبتلون به، وهم على وعد من اللّه سبحانه وتعالى، بأن وراء الضيق فرجا، وبأن مع العسر يسرا..
وأنهم إن صبروا اليوم على الضرّ والأذى، فإنهم لعلى موعد بلقاء غد ينجلى فيه الكرب، وتنقشع غمامات الضر.. « وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » (١٥٥ ـ ١٥٧ : البقرة)..
وكما قيل، من أن الصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، فكذلك كل نعمة من نعم اللّه، لا يذوق حلاوة طعمها، ولا يعرف جلال قدرها إلا من حرمها، وطال حرمانه وافتقاده لها، فإذا لقيها بعد هذا، عرف كيف فضل اللّه عليه، وكيف إحسانه إليه، ومن ثم يعرف كيف يؤدّى للّه بعض ما يجب له، من حمد وشكران..
قوله تعالى :« وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ »..
جاء ذكر إسماعيل، بعد ذكر أيوب، لأن كلا منهما قد ابتلى ابتلاء عظيما من اللّه، وكلّا منهما كان من الصابرين على ما ابتلى به.
فأيوب، قد كان فى عافية، وفى نعمة ظاهرة، ثم ابتلاء اللّه فى نفسه وماله وولده جميعا.. فصبر راضيا بحكم اللّه فيه، مطمئنا إلى مواقع الرحمة منه..
وإسماعيل.. قد رأى أبوه فى المنام أنه يذبحه بأمر من ربه، فلما أخبره بأمر اللّه، وطلب إليه رأيه، لم يتردد فى الجواب، وقال :« يا أَبَتِ افْعَلْ