ج ٩، ص : ٩٦٣
قوله تعالى :« وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ».
الخطاب للنبىّ صلوات اللّه وسلامه عليه، وأن اللّه سبحانه وتعالى إنما أرسله رحمة للناس جميعا.. كما يقول صلوات اللّه وسلامه عليه :« أنا رحمة مهداة »..
ويسأل سائل :
كيف يكون النبىّ صلوات اللّه وسلامه عليه رحمة للعالمين جميعا. الناس كلّهم أسودهم وأحمرهم، وما بين أسودهم وأحمرهم، وقليل من كثيرهم أولئك الذين آمنوا به واهتدوا بهديه، وانتفعوا برسالته ؟ كيف هذا، وقوله تعالى « لِلْعالَمِينَ » يفيد العموم والشمول ؟
والجواب على هذا ـ واللّه أعلم ـ من وجوه :
أولا : أن الهدى الذي جاء به ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ هو خير ممدود للناس جميعا، وهو رحمة غير محجوزة عن أحد، بل إنها مبسوطة لكل إنسان، أيّا كان لونه وجنسه.. وفى هذا يقول اللّه تعالى لنبيه الكريم :
« قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.. » (١٥٨ : الأعراف) فهو صلوات اللّه وسلامه عليه رحمة مهداة، يطرق بها باب كل إنسان، من غير أن يطلب لذلك أجرا، وليس على النبي ـ بعد هذا ـ أن يرغم المتأبّين عليه أن يقبلوا ما يقدمه هدية لهم.. إنه أشبه بالشمس، وهى رحمة عامة لكل حىّ.. ولكنّ كثيرا من الأحياء يعشون عن ضوئها، وكثير من الأحياء، إذا آذنهم


الصفحة التالية
Icon