ج ٩، ص : ٩٦٥
ـ وفى قوله تعالى :« فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ».
. هو تحريض للناس جميعا على الاستجابة لهذه الدعوة الكريمة، التي خفّف محملها، وغلا ثمنها.. إنها كلمة واحدة :« لا إله إلا اللّه » فما أخفها على اللسان، وما أطيب بردها على القلب، وما أقوم سبيلها إلى العقل!! فهل يلتوى بها فم ؟ وهل يضيق بها صدر ؟
وهل يزورّ بها عقل ؟ إن ذلك لا يكون إلا عن آفات تغتال فطرة الإنسان، وتفسد كيانه.
ـ وانظر فى قوله تعالى :« فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » ؟ لقد طلب منهم الإسلام أولا، وهو الإقرار باللسان، بهذه الكلمة السمحة السهلة.. ثم إنها بعد هذا كفيلة بأن تفعل فعلها فى كيان الإنسان، وتؤتى ثمراتها الطيبة المباركة كلّ حين.. إنها هى الكلمة الطيبة التي أشار إليها اللّه سبحانه وتعالى فى قوله :
« أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها » (٢٤، ٢٥ إبراهيم).
إنها كلمة « لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه ».
وأنت ترى فى هذا سماحة الإسلام، وأسلوبه الرائع المعجز فى دعوة الناس إلى الهدى.. إنه يلقاهم بأيسر السبل، وأخفّ الأمور.. حتى إذا ذاقوا حلاوة الإيمان، واطمأنت قلوبهم بكلمة التوحيد، وجدوا فى أنفسهم القدرة على احتمال التكاليف الشرعية، والوفاء بها.. إنها المدخل الذي يدخل منه الإنسان إلى الإيمان.. ثم يغرس ما شاء أن يغرس من خير، ويجنى ما قدر اللّه له أن يجنى من ثمر!! ففى سنن أبى داود عن جابر بن عبد اللّه قال :« اشترطت ثقيف على النبىّ


الصفحة التالية
Icon