ولا يحتمل هذا المختصر فى هذه المقدمة تفصيل ذلك، ثم إنى أحب أن أذكر لطيفة وقعت عليها عينى فى هذا الكتاب تشدنا إلى معرفة الله والخوف منه والعمل بمقتضى كتاب الله العزيز وهى تختص بلفظ الجلالة ( الله ) وهو علم مرتجل لم يؤخذ من أصل ولم يشتق من شىء، كما قال الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان ـ رضى الله عنه ـ وهو الجامع جميع الصفات والأسماء وهو اسم الله الأعظم، كما قاله الإمام الربانى جدنا الشيخ عبد القادر الجيلانى ـ قدس سره العزيز ـ فالله هو المستغنى عن كل ما سواه والمفتقر إليه كل مَن عداه إذا حذفت الألف منه كان الباقى على صورة ( لله ) وهو مختص به سبحانه وتعالى ( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) وقوله تعالى ( وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )
فالجنود متمكنون منا، ولا نعلم حقيقتهم والخزائن بيد الله عز وجل، فماذا نملك وبماذا نتحكم وكل ذلك بيد الله، إذن فلابد من العودة إلى الله مع الخضوع والخشوع.
وإن حذفت عن هذه الصورة اللام الأولى بقيت على صورة( له ) فقد قال الله تعالى ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) وقوله ( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ )، فمن نحن بالنسبة للسماوات والأرض ؛ لذا يجب على كل مسلم أن يعرف مقدار نفسه ولا يعلو ولا يتكبر ولا يظلم ؛ بهذا الفهم تعيش الأمة بأمن وأمان واطمئنان، وإذا كان له الملك والعظمة وله الحمد، فمعناه أن أفعالنا التى نقوم بها خيرا للأمة إنما هى مخلوقة لله، أما صورة الكسب فهى للعبد التى لا يتوصل بها إلا بخلق الله قال تعالى ( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ) فلم يبق لنا شىء.