مقدمة الكتاب
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله المتصف بصفات الكمال والمنعوت بنعوت الجلال والجمال والمنفرد بالإنعام والأفضال والعطاء والنوال سبحانه لا يزال في نعوت جلاله منزها عن الزوال وفى صفات كماله مستغنيا عن زيادة الاستكمال أحمده تعالى على ما ألهم وعلم من العلم ما لم نعلم من علينا بالإيمان وشرفنا بتلاوة القرآن فأشرقت علينا بحمد الله أنواره وبدت لذوى المعارف عند التلاوة أسراره وفاضت على المتقين عند التدبر والتأمل بحاره والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد الذي جعله الله نورا ومنيرا فقال تعالى ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ) وقال ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) فهو نور [ كامل فى ذاته ] وهو منير [ مكمل لغيره ] سيد الأصفياء وعلم الأولياء وخاتم الأنبياء ونور أهل الأرض والسماء بلغه الله رضاه في الدنيا فقال له ( فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ) وتأمل كيف قال الله ( تَرْضَاهَا) ولم يقل أرضاها وفى الآخرة أقر عينه بأن أعطاه المقام المحمود بقوله ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) ومنحه أسمى درجات الرضا بقوله ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) اللهم صل عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الأبرار الذين منهم من آواه ونصره ومنهم من هجر لأجله ماله وأهله ووطنه وعلى كل من تبعهم بإحسان في جميع الأزمان ممن اتخذ طاعة ربه سكنه ووافق في الصلاح سره علنه، وبعداعلم نور الله باطنك بأنوار الإيمان وزين ظاهرك بوظائف الإسلام واستعملك في الدنيا بمتابعة السنة وأسعدك في الأخرى بجواره في الجنة أن أولى ما أفنى فيه المكلف عمره وعلق به خاطره وأعمل فيه فكره تحصيل العلوم الشرعية واستعمالها في الأعمال المرضية وإن أعلى هذه العلوم كتاب الله، ثم العلوم المتعلقة به كثيرة وفوائد كل علم منها غزيرة، وإن من أجلها وأنفسها علم التفسير وهو جنة في الدنيا وكيف يروق لعاقل أن يطلب جنة الخلد في الآخرة