والكلام الذي نهاهم به أولا كلام له واجب على العباد أن يؤمنوا به أنه حق وأنه من القرآن من كفر به فهو كافر ومن آمن به فهو مؤمن وأن عليهم ألا يخرجوا جميعا من حفظه حتى يكون بعضهم يحفظه ولا يجوز له أن يسقط من القرآن فلا يقرأ ولا يتلى وأنما سقط فرض الآية وثبت نصها والنص حق وصدق وإنما بطل الفرض ولم يبطل النص وإنما سقطت الوصية أن ينفذ فتجوز فسقط وجوب الفرض من الآية وثبت نصها أن تجب الوصية للوالدين ونحوها ولم يسقط كلامه بذلك أنه حق وصدق وأنه ليس بين الآية الناسخة للمأمور به وبين الآية التي نسخ منها المأمور به فرقان في الايمان بهما والكفر بهما وأنهما جميعا حق وصدق وإنما افترق الحكمان بهما
فمن زعم أن الحكم ١٠٦ المنسوخ واجب بعد علم فقد كفر وأن الثاني المبدل به ليس بواجب فقد كفر فجائز أن يقال قد أبطل الله الصلاة إلى بيت المقدس ولا يقال قد أبطل الله قوله فيكون كلام الله باطلا
فالكلام الذي نسخ به حق والكلام المنسوخ الحكم منه حق فيقال قد أبطل الله جل وعز وجوب الوصية وأبطل الله الصلاة إلى بيت المقدس أن يكون واجبا الآن وأبطل قيام الليل أن يكون واجبا
ولا يقول مؤمن قد أبطل عز وجل الآيات التي كانت هذه الأحكام كلها فيها واجبات فيكون كلاما باطلا فالكلام الذي نسخ منه الحكم والكلام الذي ثبت به الحكم الثاني كلام الله حق وصدق لا باطل ولا كذب وأحد الحكمين ساقط ومن دان به بعد علم
فقد دان بالضلال والباطل أن يكون واجبا على عباد الله
وكان مما احتجوا علينا به في ذلك قول الله جل من قائل ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها
فقالوا ما جاز أن يكون بعضه خيرا من بعض فهو مخلوق لأنه إذا كان شيء هو خير من شيء فقد فضله والآخر منقوص وقال أو مثلها قالوا وما كان له مثل فهو مخلوق لأن المثل يشتبه بمثله وما جاز أن يأتي به الله جل وعز فيحدثه فهو مخلوق وكل مخلوق فمثله مخلوق لأن حكم المثل حكم مثله


الصفحة التالية
Icon