أي وبعد هذه الخطبة أذكر بعض ما جاء في فضائل القرآن العزيز وفضل قرائه وحبل الله مبتدأ وفينا متعلق به من حيث المعنى على ما نفسر به الحبل أو يكون صلة لموصول محذوف أي الذي فينا وكتابه خبر فحبل، ويجوز أن يكون فينا هو الخبر وكتابه خبر مبتدإ محذوف أي هو كتابه والفاء في فحبل رابطة للكلام بما قبله ومانعة من توهم إضافة بعد إلى حبل والعرب تستعير لفظ الحبل في العهد والوصلة والمودة وانقطاعه في نقيض ذلك فلذلك استعير للقرآن العزيز لأنه وصلة بين الله تعالى وبين خلقه من تمسك به وصل إلى دار كرامته، وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه وغيره في تفسير قوله عز وجل (واعتصموا بحبل الله جميعا)، أنه القرآن، وفي كتاب الترمذي من حديث الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه في حديث طويل في وصف القرآن قال (هو حبل الله المتين)، وفي كتاب أبي بكر بن أبي شيبة في ثواب القرآن عن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وفيه عن ابن شريح الخزاعي أن النبي ﷺ قال إن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به، وقوله فجاهد به أي بالقرآن العزيز كما قال تعالى (فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا)، أي بحججه وأدلته وبراهينه والحبل بكسر الحاء الداهية ومتحبلا حال من فاعل فجاهد يقال تحبل الصيد إذا أخذه بالحبالة وهي الشبكة واستعمل التجانس في هذا البيت والذي بعده وهو مما يعد من الفصاحة في الشعر وغيره
(٦)
وَأَخْلِقْ بهِ إذْ لَيْسَ يَخْلُقُ جِدَّةً
جَدِيداً مُوَاليهِ عَلَى الْجِدِّ مُقْبِلاَ


الصفحة التالية
Icon