فإذا ثبت ذلك فصناعة التفسير قد حصل لها الشرف من الجهات الثلاث، وهو أن موضوع التفسير كلام الله تعالى : الذي هو ينبوع كل حكمة معدن كل فضيلة، وصورة فعله : إظهار خفيات ما أودعه منزله من أسراره ليدبروا آياته وليتذكر أول والألباب، وغرضه التمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، والوصول إلى السعادة الحقيقية التي لا فناء لها - ولهذا عظم الله محله بقوله :" ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً " البقرة : ٢٦٩ قيل هو تفسير القرآن الكريم ( ١ ).
وقال الإمام الفخر الرازي ـ رحمه الله ـ :
ولقد اختبرت الطرق الكلامية فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن الكريم العظيم، لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلال بالكلية لله تعالي، ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضة والمتناقضات، وما ذاك إلا للعلم بأن العقول البشرية تتلاشي وتضمحل في تلك المضايف العميقة والمناهج الخفية.

( ١ ) - القاسمي حـ ٢ - صـ ٢٣٩ - ٢٤٠


الصفحة التالية
Icon