فالله هو الباقي دون غيره الذين لا حياة لهم أصلاً كالأصنام إذْ لا يُعطون الحياة غيرَهم وهم فاقدوها، ودون من لا يدفع الموت على نفسه مثل هذا الذي حاجّ إبراهيم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٣٣﴾

فصل


قال الفخر :
دليل إبراهيم عليه السلام كان في غاية الصحة، وذلك لا سبيل إلى معرفة الله تعالى إلا بواسطة أفعاله التي لا يشاركه فيها أحد من القادرين، والأحياء والإماتة كذلك، لأن الخلق عاجزون عنهما، والعلم بعد الاختيار ضروري، فلا بد من مؤثر آخر غير هؤلاء القادرين الذين تراهم، وذلك المؤثر إما أن يكون موجباً أو مختاراً، والأول : باطل، لأنه يلزم من دوامه دوام الأثر، فكان يجب أن لا يتبدل الأحياء بالاماتة، وأن لا تتبدل الاماتة بالأحياء، والثاني : وهو أنا نرى في الحيوان أعضاء مختلفة في الشكل والصفة والطبيعة والخاصية، وتأثير المؤثر الموجب بالذات لا يكون كذلك فعلمنا أنه لا بد في الأحياء والاماتة من وجود آخر يؤثر على سبيل القدرة، والاختيار في إحياء هذه الحيوانات وفي إماتتها، وذلك هو الله سبحانه وتعالى، وهو دليل متين قوي ذكره الله سبحانه وتعالى في مواضع في كتابه كقوله ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مّن طِينٍ﴾ [ المؤمنون : ١٢ ] إلى آخره، وقوله ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، ثُمَّ رددناه أَسْفَلَ سافلين﴾ [ التين : ٤، ٥ ] وقال تعالى :﴿الذى خَلَقَ الموت والحياة﴾ [ الملك : ٢ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٢١﴾


الصفحة التالية
Icon