والتحقيق أنه لما حصل الطغيان عند الاتصال بهذه الأشياء جعلت هذه الأشياء أسباباً للطغيان كما في قوله ﴿رَبّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ الناس﴾ [ إبراهيم : ٣٦ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٥﴾
وقال أبو حيان :
ينبغي أن تجعل هذه الأقوال كلها تمثيلاً، لأن الطاغوت محصور في كل واحد منها. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٩٢﴾
قال الفخر :
أما قوله ﴿وَيُؤْمِن بالله﴾ ففيه إشارة إلى أنه لا بد للكافر من أن يتوب أولاً عن الكفر، ثم يؤمن بعد ذلك.
أما قوله ﴿فَقَدِ استمسك بالعروة الوثقى﴾ فاعلم أنه يقال : استمسك بالشيء إذا تمسك به والعروة جمعها عرا نحو عروة الدلو والكوز وإنما سميت بذلك، لأن العروة عبارة عن الشيء الذي يتعلق به والوثقى تأنيث الأوثق، وهذا من باب استعارة المحسوس للمعقول، لأن من أراد إمساك شيء يتعلق بعروته، فكذا هاهنا من أراد إمساك هذا الدين تعلق بالدلائل الدالة عليه، ولما كانت دلائل الإسلام أقوى الدلائل وأوضحها، لا جرم وصفها بأنها العروة الوثقى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٥﴾
فائدة
قال أبو حيان :
وجواب الشرط : فقد استمسك، وأبرز في صورة الفعل الماضي المقرون بقد الدالة في الماضي على تحقيقه، وإن كان مستقبلاً في المعنى لأنه جواب الشرط، إشعاراً بأنه مما وقع استمساكه وثبت وذلك للمبالغة في ترتيب الجزاء على الشرط، وأنه كائن لا محالة لا يمكن أن يتخلف عنه، و : بالعروة، متعلق باستمسك، جعل ما تمسك به من الإيمان عروة، وهي في الأجرام موضع الإمساك وشد الأيدي شبه الإيمان بذلك.
قال الزمخشري : وهذا تمثيل للمعلوم بالنظر، والاستدلال بالمشاهد المحسوس، حتى يتصوره السامع كأنه ينظر إليه بعينه، فيحكم اعتقاده والتيقن.
والمشبه بالعروة الإيمان، قاله : مجاهد.


الصفحة التالية
Icon