قلنا : لم يجر في هذه الآية ذكر هذا النبي، وليس في هذه القصة حالة مشعرة بوجود النبي أصلاً فلو كان المقصود من إظهار هذه الأشياء إكرام ذلك النبي وتأييد رسالته بالمعجزة لكان ترك ذكر ذلك الرسول إهمالاً لما هو الغرض الأصلي من الكلام وأنه لا يجوز.
فإن قيل : لو كان ذلك الشخص لكان إما أن يقال : إنه ادعى النبوّة من قبل الإماتة والإحياء أو بعدهما، والأول : باطل، لأن إرسال النبي من قبل الله يكون لمصلحة تعود على الأمة، وذلك لا يتم بعد الإماتة، وإن ادعى النبوّة بعد الإحياء فالمعجز قد تقدم على الدعوى، وذلك غير جائز.
قلنا : إظهار خوارق العادات على يد من يعلم الله أنه سيصير رسولاً جائز عندنا، وعلى هذا الطريق زال السؤال.
الحجة الرابعة : أنه تعالى قال في حق هذا الشخص ﴿وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِلنَّاسِ﴾ وهذا اللفظ إنما يستعمل في حق الأنبياء والرسل قال تعالى :﴿وجعلناها وابنها ءَايَةً للعالمين﴾ [ الأنبياء : ٩١ ] فكان هذا وعداً من الله تعالى بأنه يجعله نبياً، وأيضاً فهذا الكلام لم يدل على النبوّة بصريحه فلا شك أنه يفيد التشريف العظيم، وذلك لا يليق بحال من مات على الكفر وعلى الشك في قدرة الله تعالى.
فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون المراد من جعله آية أن من عرفه من الناس شاباً كاملاً إذا شاهدوه بعد مائة سنة على شبابه وقد شاخوا أو هرموا، أو سمعوا بالخبر أنه كان مات منذ زمان وقد عاد شاباً صح أن يقال لأجل ذلك إنه آية للناس لأنهم يعتبرون بذلك ويعرفون به قدرة الله تعالى، ونبوّة نبي ذلك الزمان.