قال ابن عون : فذكر من خضرتها وسعتها وسطها عمود حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عروة، فقيل لي : اصعد عليه فقلت : لا أستطيع. فجاءني مِنْصَف -قال ابن عون : هو الوصيف فرفع ثيابي من خلفي، فقال : اصعد. فصعدت حتى أخذت بالعروة فقال : استمسك بالعروة. فاستيقظت وإنها لفي يدي فأتيت رسول الله ﷺ فقصصتها عليه. فقال :" أما الروضة فروضة الإسلام وأما العمود فعمود الإسلام وأما العروة فهي العروة الوثقى، أنت على الإسلام حتى تموت". (١).
قال : وهو عبد الله بن سلام أخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الله بن عون. (٢). أ هـ ﴿تفسيرابن كثير حـ ١ صـ ٦٨٣﴾
فائدة بلاغية
قال ابن عاشور :
والاستمساك بالعروة الوثقى تمثيلي، شبهت هيأة المؤمن في ثباته على الإيمان بهيأة من أمسك بعروة وثقى من حَبل وهو راكب على صَعب أو في سفينة في هَول البحر، وهي هيأة معقولة شبهت بهيأة محسوسة، ولذلك قال في " الكشاف" " وهذا تمثيل للمعلوم بالنظَر، بالمشاهَد" وقد أفصح عنه في تفسير سورة لقمان إذ قال " مثلت حال المتوكل بحال من أراد أن يتدلى من شاهق فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروة من حبل متين مأمون انقطاعه"، فالمعنى أنّ المؤمن ثابت اليقين سالم من اضطراب القلب في الدنيا وهو ناج من مَهاوي السقوط في الآخرة كحال من تمسك بعروة حبل متين لا ينفصم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٩﴾
قوله ﴿لاَ انفصام لَهَا﴾
فصل
قال الفخر :
قال النحويون : نظم الآية بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، والعرب تضمر ( التى ) و( الذى ) و( مَنْ ) وتكتفي بصلاتها منها، قال سلامة بن جندل :
والعاديات أسامي للدماء بها.. كأن أعناقها أنصاب ترحيب
(١) المسند (٥/٤٥٢).
(٢) صحيح البخاري برقم (٣٨١٣) وصحيح مسلم برقم (٢٤٨٤).} وأخرجه البخاري من وجه آخر، عن محمد بن سيرين به. { صحيح البخاري برقم (٧٠١٠)