وقيل : حقيقتان فيكون ثم مضاف محذوف تقديره : أنَّى يحيي أهل هذه القرية، أو يكون هذه إشارة إلى ما دل عليه المعنى من عظام أهلها البالية، وجثثهم المتمزقة، وأوصالهم المتفرقة، فعلى القول بالمجاز يكون قوله : أنَّى يحيي على سبيل التلهف من الواقف المعتبر على مدينته التي عهد فيها أهله وأحبته، وضرب له المثل في نفسه بما هو أعظم مما سأل عنه، وعلى القول الثاني يكون قوله : أنَّى يحيي اعترافاً بالعجز عن معرفة طريقة الإحياء واستعظاماً لقدرة المحيي، وليس ذلك على سبيل الشك. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٠٣﴾
قوله تعالى :﴿ فَأَمَاتَهُ الله مِائَةَ عَامٍ ﴾
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَأَمَاتَهُ الله مِائَةَ عَامٍ ﴾ " مائة" نصب على الظرف.
والعام : السنة ؛ يقال : سِنون عُوَّم وهو تأكيد للأوّل ؛ كما يقال : بينهم شُغْلٌ شاغلٌ.
وقال العجّاج :
مِن مرّ أعوامِ السِّنين العُوَّم...
وهو في التقدير جمع عائم، إلا أنه لا يفرد بالذِّكر ؛ لأنه ليس باسم وإنما هو توكيد، قاله الجوهريّ.
وقال النقاش : العام مصدر كالعَوْم ؛ سُمّيَ به هذا القدر من الزمان لأنها عومة من الشمس في الفَلك.
والعَوْم كالسَّبْح ؛ وقال الله تعالى :﴿ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٣٣ ].
قال ابن عطية : هذا بمعنى قول النقاش، والعامُ على هذا كالقول والقال. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٢٩١﴾
سؤال : فإن قيل : ما الفائدة في إماتة الله له مائة عام، مع أن الاستدلال بالإحياء يوم أو بعد بعض يوم حاصل.
قلنا : لأن الإحياء بعد تراخي المدة أبعد في العقول من الإحياء بعد قرب المدة، وأيضاً فلأن بعد تراخي المدة ما يشاهد منه، ويشاهد هو من غيره أعجب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٢٩﴾
فصل
قال القرطبى :
روي في قصص هذه الآية أن الله تعالى بعث لها مَلكاً من الملوك يعمرها ويجدّ في ذلك حتى كان كمال عمارتها عند بعث القائل.