وعارضوها بقوله تعالى :﴿ لِيَمِيزَ الله الخبيث مِنَ الطيب ﴾ فجعل الخبيث مخرجا من الطيب، وعكس هنا.
وأجيب : بأن هذا في أول الإسلام كان الكفر أكثر وتلك في آخر الإسلام كان الإيمان أكثر ودخل الناس في الدين أفواجا.
قوله تعالى :﴿ فَمَن يَكْفُرْ بالطاغوت وَيْؤْمِن بالله... ﴾.
قدم الكفر إما لأنّه من دفع المؤلم، أو لأنه مانع ولا يتم الدليل على الشيء إلاّ مع نفي المانع المعارض ولذلك قال في الإرشاد :" النظر في الشيء يضاد العلم بالمنظور ويضاد الجهل به والشك فيه ".
فإذا كان الكافر مصمما على كفره استحال إيمانه وإذا ظهر له بطلان الكفر وبقي قابلا للإيمان ونظر في دلائله أنتجت له الإيمان.
قوله تعالى :﴿ فَقَدِ استمسك بالعروة الوثقى... ﴾.
قال الزمخشري : هذا تمثيل للمعلوم بالنّظر والاستدلال بالمشاهد المحسوس ( ونظرٌ في دلالات أنتجت له ) حتى يتصوره السّامع كأنّه ينظر ( إليه ) بعينه.
ابن عطية : هذا تشبيه واختلفوا في المشبه بالعروة فقال مجاهد : العروة الإيمان وقال السدى : الإسلام.
وقال سعيد بن جبير والضّحاك :( العروة ) لا إله إلا الله.
قال ابن عرفة : إنما يريد المشبه خاصة ولو أراد المشبه به لكان تشبيه الشيء بنفسه.
قوله تعالى :﴿ والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.
قال ابن عطية : لما كان الكفر بالطاغوت والإيمان بالله مما ينطق به اللسان ويعتقده القلب حسن في الصفات سميع من أجل النّطق وعليم من أجل المعتقد.
وقال الفخر : هذا دليل على أنّ اعتقاد القلب الإيمان غير كاف ولا بد من النطق.
قال ابن عرفة : لايتم هذا إلاّ على مذهب المعتزلة الذين ينكرون الكلام النفسي ونحن نقول : كلام النفس مسموع ولذلك نتصوره في الكلام القديم الأزلي وهم ينكرونه. هـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ٢ صـ ٧٣٠ ـ ٧٣٢﴾


الصفحة التالية
Icon