بحث
الدين لا يُفرض :
لا يمكن للإسلام ولا للأديان الحقّة الأخرى أن تُفرض فرضاً على الناس لسببين :
١ ـ بَعدَ كلّ تلك الأدلّة والبراهين الواضحة والاستدلالات المنطقية والمعجزات الجلية لم تكن ثمة حاجة لذلك.
إنّما يستخدم القوّة من أعوزه المنطق والحجّة.
والدين الإلهي ذو منطق متين وحجّة قويّة.
٢ ـ إنّ الدين القائم على أساس مجموعة من العقائد القلبية لا يمكن أن يُفرض بالإكراه.
إن عوامل القوّة والسيف والقدرة العسكرية يمكنها أن تؤثّر في الأجسام، لا في الأفكار والمعتقدات.
يتّضح ممّا تقدّم الردّ على الإعلام الصليبي ـ المسموم ضدّ الإسلام ـ القائل " إنّ الإسلام انتشر بالسيف"، إذ لا قول أبلغ ولا أفصح من (لا إكراه في الدين) الذي أعلنه القرآن.
هؤلاء الحاقدون يتناسون هذا الإعلان القرآني الصريح، ويحاولون من خلال تحريف مفهوم الجهاد وأحداث الحروب الإسلامية أن يثبتوا مقولتهم، بينما يتّضح بجلاء لكلّ منصف أنّ الحروب التي خاضها الإسلام كانت إمّا دفاعية، وإمّا تحريرية، ولم يكن هدف هذه الحروب السيطرة والتوسّع، بل الدفاع عن النفس، أو إنقاذ الفئة المستضعفة الرازحة تحت سيطرة طواغيت الأرض وتحريرها من
ربقة العبودية لتستنشق عبير الحرية وتختار بنفسها الطريق الذي ترتئيه.
والشاهد الحيّ على هذا هو ما تكرّر حدوثه في التاريخ الإسلامي، فقد كان المسلمون إذا افتتحوا بلداً تركوا أتباع الأديان الأُخرى أحراراً كالمسلمين.
أمّا الضريبة الصغيرة التي كانوا يتقاضونها منهم باسم الجزية، فقد كانت ثمناً للحفاظ على أمنهم، ولتغطية ما تتطلّبه هذه المحافظة من نفقات، وبذلك كانت أرواحهم وأموالهم وأعراضهم مصونة في حمى الإسلام.
كما أنّه كانوا أحراراً في أداء طقوسهم الدينية الخاصّة بهم.
جميع الذين يطالعون التاريخ الإسلامي يعرفون هذه الحقيقة، بل إن المسيحيين الذين كتبوا في الإسلام يعترفون بهذا أيضاً.