ثم بين استيلاءهم عليهم بقوله :﴿يخرجونهم﴾ وإسناده إلى ضمير الجمع يؤيد أن جمع الظلمات لكثرة أنواع الكفر ﴿من النور﴾ أي الفطرى ﴿إلى الظلمات﴾ قال الحرالي : وفيه بيان استواء جميع الخلق في حقيقة النور الأول إلى الروح المجندة إلى الفطرة المستوية " كل مولود يولد على الفطرة " انتهى.
ولما ذكر استيلاء الشهوات عليهم الداعي إليها الطيش والخفة الناشىء عن عنصر النار التي هي شعبة من الشيطان بين أن أجزاءهم من جنس مرتكبهم فقال :﴿أولئك﴾ أي الحالون في محل البعد والبغض ﴿أصحاب النار﴾ قال الحرالي : الذين اتبعوها من حيث لم يشعروا من حيث إن الصاحب من اتبع مصحوبه - انتهى.
ولما علم من ذكر الصحبة دوامهم فيها صرح به تأكيداً بقوله مبيناً اختصاصهم بها :﴿هم﴾ أي خاصة ﴿فيها خالدون﴾ إلى ما لا آخر له.
قال الحرالي : وجعل الخلود وصفاً لهم إشعاراً بأنهم فيها وهم في دنياهم - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٥٠١ ـ ٥٠٢﴾
قال ابن عاشور :
وقع قوله :﴿ الله ولي الذين آمنوا ﴾ الآية موقع التعليل لقوله :﴿ لا انفصام لها ﴾ [ البقرة : ٢٥٦ ] لأنّ الذين كفروا بالطاغوت وآمنوا بالله قد تولّوا الله فصار وليّهم، فهو يقدّر لهم ما فيه نفعهم وهو ذبّ الشبهات عنهم، فبذلك يستمر تمسّكهم بالعروة الوثقى ويأمنون انفصامها، أي فإذا اختار أحد أن يكون مسلماً فإنّ الله يزيده هدى. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٣٠﴾
فائدة
قال الفخر :
( الولى ) فعيل بمعنى فاعل من قولهم : ولي فلان الشيء يليه ولاية فهو وال وولي، وأصله من الولي الذي هو القرب، قال الهذلي :


الصفحة التالية
Icon