أحدها : أن عصمة الله للمؤمنين عن مواقعة الضلال، إخراج لهم من ظلام الكفر، وتزيين قرناء الكفار لهم الباطل الذي يحيدون به عن الهدى، إخراج لهم من نور الهدى، و" الإخراج" مستعار هاهنا : وقد يقال للممتنع من الشيء : خرج منه، وإن لم يكن دخل فيه.
قال تعالى :﴿ إِني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله ﴾ [ يوسف : ٣٧ ].
وقال :﴿ ومنكم من يردُّ إِلى أرذل العمر ﴾ [ النحل : ٧٠ ].
وقد سبقت شواهد هذا في قوله تعالى :﴿ وإِلى الله ترجع الأمور ﴾ [ البقرة : ٢١٠ ].
والثاني : أن إيمان أهل الكتاب بالنبي قبل أن يظهر نورٌ لهم، وكفرهم به بعد أن ظهر، خروج إلى الظلمات.
والثالث : أنه لما ظهرت معجزات رسول الله ﷺ، كان المخالف له خارجاً من نور قد علمه، والموافق له خارجاً من ظلمات الجهل إلى نور العلم. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٣٠٧﴾
وقال العلامة الماوردى :
فإن قيل : فكيف يخرجونهم من النور، وهم لم يدخلوا فيه ؟ فعن ذلك جوابان :
أحدهما : أنها نزلت في قوم مُرْتَدِّين، قاله مجاهد.
والثاني : أنها نزلت فيمن لم يزل كافراً، وإنما قال ذلك لأنهم لو لم يفعلوا ذلك بهم لدخلوا فيه، فصاروا بما فعلوه بمنزلة من قد أخرجهم منه. وفيه وجه ثالث : أنهم كانوا على الفطرة عند أخذ الميثاق عليهم، فلما حَمَلُوهم على الكفر أخرجوهم من نور فطرتهم. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٣٢٩﴾
وقال الفخر :
قوله ﴿يُخْرِجُهُم مِّنَ الظلمات إِلَى النور﴾ ظاهره يقتضي أنهم كانوا في الكفر ثم أخرجهم الله تعالى من ذلك الكفر إلى الإيمان، ثم هاهنا قولان :
القول الأول : أن يجري اللفظ على ظاهره، وهو أن هذه الآية مختصة بمن كان كافراً ثم أسلم، والقائلون بهذا القول ذكروا في سبب النزول روايات