أما قوله تعالى ﴿يُخْرِجُونَهُم مّنَ النور إِلَى الظلمات﴾ فقد استدلت المعتزلة بهذه الآية على أن الكفر ليس من الله تعالى، قالوا : لأنه تعالى أضافه إلى الطاغوت مجازاً باتفاق، لأن المراد من الطاغوت على أظهر الأقوال هو الصنم ويتأكد هذا بقوله تعالى :﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ الناس﴾ [ إبراهيم : ٣٦ ] فأضاف الإضلال إلى الصنم، وإذا كانت هذه الإضافة بالاتفاق بيننا وبينكم مجازاً، خرجت عن أن تكون حجة لكم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٨ ـ ١٩﴾
فائدة
قال البيضاوى :
إسناد الإِخراج إلى الطاغوت باعتبار التسبب لا يأبى تعلق قدرته تعالى وإرادته بها. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ١ صـ ٥٥٨﴾
فائدة أخرى
قال ابن عاشور :
أعيد الضمير إلى الطاغوت بصيغة جمع العقلاء لأنّه أسند إليهم ما هو من فِعل العقلاء وإن كانوا في الحقيقة سبب الخروج لا مُخرجين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٣١﴾
لطيفة
قال أبو حيان :
وقد تباين الإخبار في هاتين الجملتين، فاستفتحت آية المؤمنين باسم الله تعالى، وأخبر عنه بأنه ولي المؤمنين تشريفاً لهم إذ بدىء في جملتهم باسمه تعالى، ولقربه من قوله :﴿ والله سميع عليم ﴾ واستفتحت آية الكافرين بذكرهم نعياً عليهم، وتسمية لهم بما صدر منهم من القبيح.
ثم أخبر عنهم بأن أولياءهم الطاغوت، ولم يصدّر الطاغوت استهانة به، وأنه مما ينبغي أن لا يجعل مقابلاً لله تعالى، ثم عكس الإخبار فيه فابتدأ بقوله : أولياؤهم، وجعل الطاغوت خبراً.
كأن الطاغوت هو مجهول.
أعلم المخاطب بأن أولياء الكفار هو الطاغوت، والأحسن في : يخرجهم ويخرجونهم أن لا يكون له موضع من الإعراب، لأنه خرج مخرج التفسير للولاية، وكأنه من حيث إن الله ولي المؤمنين بين وجه الولاية والنصر والتأييد، بأنها اخراجهم من الظلمات إلى النور، وكذلك في الكفار.


الصفحة التالية
Icon