وتعقيب آية الكرسي بهاته الآية بمناسبة أنّ ما اشتملت عليه الآية السابقة من دلائل الوحدانية وعظمة الخالق وتنزيهه عن شوائب ما كفرت به الأممُ، من شأنه أن يسوق ذوي العقول إلى قبول هذا الدين الواضحِ العقيدة، المستقيم الشريعةِ، باختيارهم دون جبر ولا إكراه، ومن شأنه أن يجعل دوامهم على الشرك بمحل السؤال : أيُتْرَكون عليه أم يُكْرَهُون على الإسلام، فكانت الجملة استئنافاً بيانياً. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٥﴾
قال الفخر :
اللام في ﴿الدين﴾ فيه قولان أحدهما : أنه لام العهد والثاني : أنه بدل من الإضافة، كقوله ﴿فَإِنَّ الجنة هِىَ المأوى﴾ [ النازعات : ٤١ ] أي مأواه، والمراد في دين الله.
أهـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٣﴾
فصل
قال ابن عاشور :
ونفي الإكراه خبر في معنى النهي، والمراد نفي أسباب الإكراه في حُكم الإسلام، أي لا تكرهوا أحداً على اتباع الإسلام قسراً، وجيء بنفي الجنس لقصد العموم نصاً.
وهي دليل واضح على إبطال الإكراه على الدِّين بسائر أنواعه، لأنّ أمر الإيمان يجري على الاستدلال، والتمكين من النظر، وبالاختيار.
وقد تقرر في صدر الإسلام قتال المشركين على الإسلام، وفِي الحديث :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها ".