وأما قول عطاء :" دخل قلبَ إبراهيم بعضُ ما يدخل قلوب الناس" فمعناه من حيث المعاينة على ما تقدّم.
وأما قول النبيّ ﷺ :" نحن أحق بالشك من إبراهيم " فمعناه أنه لو كان شاكاً لكنا نحن أحق به ونحن لا نشك فإبراهيم عليه السَّلام أحرى ألاّ يشك ؛ فالحديث مبني على نفي الشك عن إبراهيم، والذي روي فيه عن النبيّ ﷺ أنه قال :" ذلك محض الإيمان " إنما هو في الخواطر التي لا تثبت، وأما الشك فهو توقف بين أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر، وذلك هو المنفي عن الخليل عليه السَّلام.
وإحياء الموتى إنما يثبت بالسمع وقد كان إبراهيم عليه السَّلام أعلم به، يدلّك على ذلك قوله ﴿ رَبِّيَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ [ البقرة : ٢٥٨ ] فالشك يبعد على من تثبت قدمه في الإيمان فقط فكيف بمرتبة النبوّة والخُلّة، والأنبياء معصومون من الكبائر ومن الصغائر التي فيها رذيلة إجماعاً.
وإذا تأمّلت سؤاله عليه السلام وسائر ألفاظ الآية لم تعط شكاً وذلك أن الاستفهام بكيف إنما هو سؤال عن حالة شيء موجود متقرّر الوجود عند السائل والمسؤول ؛ نحو قولك : كيف عِلْمُ زيد ؟ وكيف نَسْجُ الثوب ؟ ونحو هذا.
ومتى قلت : كيف ثَوبكِ ؟ وكيف زيد ؟ فإنما السؤال عن حال من أحواله.
وقد تكون " كيف" خبراً عن شيء شأنه أن يُستفهم عنه بكيف، نحو قولك : كيف شئت فكن، ونحو قول البخاريّ : كيف كان بدء الوَحْي.