فنصوا على شذوذه، وقوله تعالى :﴿ سبع بقرات ﴾ ﴿ وتسع آيات ﴾ وخمس صلوات لأن البقرة والآية والصلاة ليس لها سوى هذا الجمع، ولم يجمع على غيره.
ومثال الثاني : قوله تعالى :﴿ وسبع سنبلات خضر ﴾ لما عطف على :﴿ سبع بقرات ﴾ وجاوره حسن فيه جمعه بالألف والتاء، ولو كان لم يعطف ولم يجاور لكان :﴿ سبع سنابل ﴾، كما في هذه الآية، ولذلك إذا عرى عن المجاور جاء على مفاعل في الأكثر، والأَوْلى، وإن كان يجمع بالألف والتاء، مثال ذلك قوله تعالى :﴿ سبع طرائق ﴾ و﴿ سبع ليال ﴾ ولم يقل : طريقات، ولا : ليلات، وإن كان جائزاً في جمع طريقة وليلة، وقوله تعالى :﴿ عشرة مساكين ﴾، وإن كان جائزاً في جمعه أن يكون جمع سلامة.
فتقول : مسكينون ومسكينين، وقد آثروا ما لا يماثل مفاعل من جموع الكثرة على جمع التصحيح، وإن لم يكن هناك مجاور يقصد مشاكلته لقوله تعالى :﴿ ثماني حجج ﴾ وإن كان جائزاً فيه أن يجمع بالألف والتاء، لأن مفرده حجة، فتقول : حجات، فعلى هذا الذي تقرر إذا كان للاسم جمعان : جمع تصحيح، وجمع تكسير، فجمع التكسير إما أن يكون للكثرة أو للقلة، فإن كان للكثرة، فإما أن يكون من باب مفاعل، أو من غير باب مفاعل، إن كان من باب مفاعل أوثر على جمع التصحيح، فتقول : جاءني ثلاثة أحامد، وثلاث زيانب، ويجوز التصحيح على قلة، فتقول : جاءني ثلاثة أحمدين، وثلاث زينبات، وإن لم يكن من باب مفاعل.
فإما أن يكثر فيه غير التصحيح، وغير جمع الكثرة، فلا يجوز التصحيح، ولا جمع الكثرة إلاَّ قليلاً، مثال، ذلك : جاءني ثلاثة زيود، وثلاث هنود، وعندي ثلاثة أفلس، ولا يجوز : ثلاثة زيدين، ولا : ثلاث هندات، ولا : ثلاثة فلوس، إلاَّ قليلاً.
وإن قل فيه غير التصحيح، وغير جمع الكثرة أوثر التصحيح وجمع الكسرة، مثال ذلك : ثلاث سعادات، وثلاثة شسوع، ويجوز على قلة : ثلاث سعائد، وثلاثة أشسع.
وتحصل من هذا الذي قررناه أن قوله ﴿ سبع سنابل ﴾ جاء على ما تقرر في العربية من كونه جمعاً متناهياً، وأن قوله :﴿ سبع سنبلات ﴾ إنما جاز لأجل مشاكلة :﴿ سبع بقرات ﴾ ومجاورته، فليس استعذار الزمخشري بصحيح.
و﴿ في كل سنبلة ﴾ في موضع الصفة : لسنابل، فتكون في موضع جر، أو : لسبع، فيكون في موضع نصب، وترتفع على التقديرين : مائة، على الفاعل لأن الجار قد اعتمد بكونه صفة، وهو أحسن من أن يرتفع على الابتداء، و : في كل، خبره، والجملة صفة، لأن الوصف بالمفرد أولى من الوصف بالجملة، ولا بد من تقدير محذوف، أي : في كل سنبلة منها، أي : من السنابل.
أهـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣١٥ ـ ٣١٧﴾