في هذه الآية دليل على أن اتخاذ الزرع من أعلى الحِرف التي يتخذها الناس والمكاسب التي يشتغل بها العمال ؛ ولذلك ضرب الله به المثل فقال :" مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ" الآية.
وفي صحيح مسلم عن النبيّ ﷺ :" ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلاَّ كان له صدقة " وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله ﷺ :" التمسوا الرزق في خبايا الأرض " يعني الزرع، أخرجه الترمذيّ.
" وقال ﷺ في النخل :" هي الراسخات في الوَحَل المُطْعِمات في المَحْل" " وهذا خرج مخرج المدح.
والزراعة من فروض الكفاية فيجب على الإمام أن يجبر الناس عليها وما كان في معناها من غرس الأشجار.
ولقِي عبد الله بن عبد الملك بن شهاب الزُّهْريّ فقال : دُلّني على مالٍ أعالجه ؛ فأنشأ ابن شهاب يقول :
أقول لعبد اللَّه يوم لقيته...
وقد شدّ أحْلاسَ المطِيّ مُشرِّقا
تتَبَّع خَبايا الأرض وادع مليكَها...
لعلّك يوماً أن تُجاب فتُرزقا
فيؤتيك مالاً واسعاً ذا مَثابَة...
إذا ما مياهُ الأرض غارتْ تدَفّقا
وحُكي عن المعتضد أنه قال : رأيت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام يُناولني مِسْحاة وقال : خذها فإنها مفاتيح خزائن الأرض. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٣٠٥ ـ ٣٠٦﴾
وقال ابن عاشور :
ومعنى قوله :﴿ والله يضعاف لمن يشاء ﴾ أنّ المضاعفة درجات كثيرة لا يعلمها إلاّ الله تعالى ؛ لأنّها تترتّب على أحوال المتصدّق وأحوال المتصدّق عليه وأوقات ذلك وأماكنه.
وللإخلاص وقصد الامتثال ومحبة الخير للناس والإيثار على النفس وغير ذلك مما يحفّ بالصدقة والإنفاق، تأثير في تضعيف الأجر، والله واسع عليم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٤٢﴾
قال الماوردى :
﴿ وَاللهُ وَسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ فيه قولان :


الصفحة التالية
Icon