بحث
الإنفاق ومشكلة الفوارق الطبقيّة :
من المشكلات الاجتماعية الكبرى التي يعاني منها الإنسان دوماً ولازال يعاني رغم كلّ ما حقّقه البشر من تقدّم صناعي ومادّي هي مشكلة التباين الطبقي المتمثّلة بالفقر المدقع في جانب، وتراكم الثروة في جانب آخر.
إنّك لترى بعضهم يكتنز من الثروة بحيث إنّه لا يستطيع أن يحصيها، وترى بعضهم من الفقر في عذاب ممض بحيث لا يستطيع أن يجد حتّى الضروريّ اللازم لحياته كالحدّ الأدنى من الغذاء والملبس والمأوى.
لاشكّ أنّ المجتمع الذي يقوم قسم من بنيانه على الغنى الفاحش، والقسم الأعظم على الفقر المدقع والجوع القاتل، لا دوام له، ولن يصل إلى السعادة الحقيقة أبداً، إنّ مجتمعاً كهذا يسوده حتماً الهلع والاضطراب والقلق والخوف وسوء الظن، ومن ثمّ العداء والصراع.
هذا التباين الطبقي الذي كان موجوداً في القديم قد تفشّى فينا اليوم ـ مع الأسف ـ بأكثر وأخطر ممّا سبق، ذلك لأنك تجد أبواب التعاون الإنساني الحقيقي قد أُغلقت بوجوه الناس، وفُتحت بمكانها أبواب الربا الفاحش الذي هو من أهمّ أسباب اتساع الهوة الطبقية بين الناس، ولا أدلّ على ذلك من ظهور الشيوعية
وأمثالها، وإراقة الدماء في أنواع الحروب المروعة التي اندلعت في قرننا الأخير وما زالت مندلعة هنا وهناك في أنحاء مختلفة من العالم، ومعظمها ذات منشأ اقتصادي وردّ فعل لحرمان أكثرية شعوب العالم.


الصفحة التالية
Icon