البهيمة التي تدر لبناً ساعة تسير في الحارة. فالكل كان يدعو الله لها ويقول :" يحميكي" لماذا ؟ لأن صاحبها يعطي كل من حوله من لبنها ومن جبنتها ومن سمنها، لذلك يدعو لها الجميع، ولا يربطها صاحبها، ولا يعلفها، ولا ينشغل عليها، والخير القادم منها يذهب إلى كل الأهل، وحين نجد مجتمعاً بهذا الشكل ويجد العاجز من القوي معيناً له، هنا يقول العاجز : إنني في عالم متكامل. وإذا ما وجد في إنسان قوة وفي آخر ضعف ؛ فالضعيف لا يحقد وإنما يقول : إن خير غيري يصلني. وكذلك يطمئن الواهب أنه إن عجز في يوم ما سيجد من يكفله ـ والقدرة أغيار ـ مادام الإنسان من الأغيار. فقد يكون قويا اليوم ضعيفاً غداً.
إذن فقول الحق سبحانه وتعالى :" مثل الذين ينفقون أموالهم" هو قانون يريد به الله أن يحارب الشح في نفس المخلوقين، إنه يقول لكل منا : انظر النظرة الواعية ؛ فالأرض لا تنقص من مخزنك حين تعطيها كيلة من القمح! صحيح أنك أنقصت كيلة من مخزنك لتزرعها، ولكنك تتوقع أن تأخذ من الأرض أضعافها. وإياك أن تظن أن ما تعطيه الأرض يكون لك فيه ثقة، وما يعطيه الله لا ثقة لك فيه. " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم" إن الآية تعالج الشح، وتؤكد أن الصدقة لا تنقص ما عند الإنسان بل ستزيده. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ١١٤٦ ـ ١١٤٨﴾


الصفحة التالية
Icon