" نحن أحق بالشك من إبراهيم " أي ونحن لم نشك فلأن لا يشك إبراهيم أحرى، وقيل : إن الكلام مع أفعل جاء هنا لنفي المعنى عن الحبيب والخليل عليهما الصلاة والسلام أي لا شك عندنا جميعاً، ومن هذا الباب ﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ﴾ [ الدخان : ٣٧ ] أي لا خير في الفريقين، وإنما جاء التقرير بعد لأن تلك الصيغة وإن كانت تستعمل ظاهراً في السؤال عن الكيفية كما علمت إلا أنها قد استعمل أيضاً في الاستعجاز كما إذا ادعى مدع أنه يحمل ثقلاً من الأثقال وأنت جازم بعجزه عن حمله فتقول له : أرني كيف تحمل هذا وتريد أنك عاجز عن حمله فأراد سبحانه لما علم براءة الخليل عن الحوم حول حمى هذا المعنى أن ينطقه في الجواب بما يدفع عنه ذلك الاحتمال اللفظي في العبارة الأولى ليكون إيمانه مخلصاً بعبارة تنص عليه بفهمها كل من يسمعها فهماً لا يتخالجه فيه شك. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٢٧﴾
فصل نفيس
قال الإمام الفخر :
ذكروا في سبب سؤال إبراهيم وجوهاً
الأول : قال الحسن والضحاك وقتادة وعطاء وابن جريج : أنه رأى جيفة مطروحة في شط البحر فإذا مد البحر أكل منها دواب البحر، وإذا جزر البحر جاءت السباع فأكلت، وإذا ذهبت السباع جاءت الطيور فأكلت وطارت، فقال إبراهيم : رب أرني كيف تجمع أجزاء الحيوان من بطون السباع والطيور ودواب البحر، فقيل : أو لم تؤمن قال بلى ولكن المطلوب من السؤال أن يصير العلم بالاستدلال ضرورياً.