قوله تعالى ﴿وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
قال الفخر :
أما قوله ﴿وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ ففيه قولان الأول : أن إنفاقهم في سبيل الله لا يضيع، بل ثوابه موفر عليهم يوم القيامة، لا يخافون من أن لا يوجد، ولا يحزنون بسبب أن لا يوجد، وهو كقوله تعالى :﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً﴾ [ طه : ١١٢ ] والثاني : أن يكون المراد أنهم يوم القيامة لا يخافون العذاب ألبتة، كما قال :﴿وَهُمْ مّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ ءامِنُونَ﴾ [ النمل : ٨٩ ] وقال :﴿لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر﴾ [ الأنبياء : ١٠٣ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٤٢ ـ ٤٣﴾
وقال أبو السعود :
﴿ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ في الدارين من لحوق مكروهٍ من المكاره ﴿ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ لفوات مطلوبٍ من المطالب قلَّ أو جلَّ، أي لا يعتريهم ما يوجبه لا أنه يعتريهم ذلك لكنهم لا يخافون ولا يحزنون ولا أنه لا يعتريهم خوفٌ وحزن أصلاً بل يستمرون على النشاط والسرور، كيف لا واستشعارُ الخوف والخشية استعظاماً لجلال الله وهيبته واستقصاراً للجِد والسعي في إقامة حقوقِ العبودية من خواصِّ الخاصةِ والمقرَّبين، والمرادُ بيانُ دوامِ انتفائِهما لا بيانُ انتفاءِ دوامِهما كما يوهمه كونُ الخبر في الجملة الثانية مضارعاً عالماً أن النفي وإن دخل على نفس المضارع يفيدُ الدوام والاستمرار بحسب المقام. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ١ صـ ٢٥٨﴾


الصفحة التالية
Icon