الوجه الثاني : في التشبيه، قال القفال رحمه الله تعالى، وفيه احتمال آخر، وهو أن أعمال العباد ذخائر لهم يوم القيامة، فمن عمل بإخلاص فكأنه طرح بذراً في أرض فهو يضاعف له وينمو حتى يحصده في وقته، ويجده وقت حاجته، والصفوان محل بذر المنافق، ومعلوم أنه لا ينمو فيه شيء ولا يكون فيه قبول للبذر، والمعنى أن عمل المان والمؤذي والمنافق يشبه إذا طرح بذراً في صفوان صلد عليه غبار قليل، فإذا أصابه مطر جود بقي مستودعاً بذره خالياً لا شيء فيه، ألا ترى أنه تعالى ضرب مثل المخلص بجنة فوق ربوة، والجنة ما يكون فيه أشجار ونخيل، فمن أخلص لله تعالى كان كمن غرس بستاناً في ربوة من الأرض، فهو يجني ثمر غراسه في أوجات الحاجة وهي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها متضاعفة زائدة، وأما عمل المان والمؤذي والمنافق، فهو كمن بذر في الصفوان الذي عليه تراب، فعند الحاجة إلى الزرع لا يجد فيه شيئاً، ومن الملحدة من طعن في التشبيه، فقال : إن الوابل إذا أصاب الصفوان جعله طاهراً نقياً نظيفاً عن الغبار والتراب فكيف يجوز أن يشبه الله به عمل المنافق، والجواب أن وجه التشبيه ما ذكرناه، فلا يعتبر باختلافها فيما وراءه، قال القاضي : وأيضاً فوقع التراب على الصفوان يفيد منافع من وجوه أحدها : أنه أصلح في الاستقرار عليه وثانيها : الانتفاع بها في التيمم وثالثها : الانتفاع به فيما يتصل بالنبات، وهذا الوجه الذي ذكره القاضي حسن إلا أن الاعتماد على الأول. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٤٧﴾