ليكون إيمانه مخلصاً، نصّ عليه بعبارة يفهمها كل من يسمعها فهماً لا يلحقه فيه شك. فإن قلت : قد تبين لي وجه الربط بين الكلام على التقدير المبين. فما موقع قول إبراهيم :﴿ وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ ؟ وذلك يشعر ظاهراً بأنه كان عند السؤال فاقداً للطمأنينة. قلت : معناه : ولكن ليزول عن قلبي الفكر في كيفية الحياة، لأني إذا شاهدتها سكن قلبي عن الجولان في كيفياتها المتخيلة، وتعينت عندي بالتصوير المشاهد. فهذا أحسن ما يجري لي في تفسير هذه الآية. وربك الفتاح العليم. انتهى.
﴿ قَالَ ﴾ أي : إذا أردت الطمأنينة :﴿ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ﴾ بضم الصاد وكسرها، بمعنى : فأملهن واضممهن إليك. يقال : صاره يصوره ويصيره، إذا أماله، لغتان.
قال الزمخشري : وقرأ ابن عباس رضي الله عنه : فصرهن، بضم الصاد وكسرها وتشديد الراء من : صرّه يصرّه ويصُرّه إذا جمعه، وعنه : فصرهن من التصرية وهي الجمع أيضاً : وقال اللحياني : قال بعضهم : معنى صرهن : وجِّههُنَّ. ومعنى صِرهن : قطعهن وشققهن. والمعروف أنهما لغتان بمعنى واحد. وكلهم فسروا فصرهن : أملهن، والكسر فُسّر بمعنى قطعهن. وقال الفيروزابادي في " البصائر " : قال بعضهم : صرهن بضم الصاد وتشديد الراء وفتحها، من الصر أي : الشد. قال : وقرئ فصرهن بكسر الصاد وفتح الراء المشددة من الصرير أي : الصوت، أي : صح بهن. وقال أبو البقاء : ويقرأ بضم الصاد وتشديد الراء، ثم منهم من يضمها اتباعاً ومنهم من يفتحها تخفيفاً ومنهم من يكسرها على أصل التقاء الساكنين.
أقول : قد تقرر في العربية أن المضاعف إذا لحقته هاء الضمير يلزم وجه واحد في المؤنث، وهو فتح ما قبلها، نحو ردها مراعاة للألف اتفاقاً، وفي المذكر ثلاثة أوجه :
أفصحها الضم، ويليه الكسر وهو ضعيف، ويليه الفتح وهو أضعفها.


الصفحة التالية
Icon