قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : إِنَّ تَحْكِيمَ مَذَاهِبِهِمُ النَّحْوِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ وَمُحَاوَلَةَ تَطْبِيقِهِ عَلَيْهَا - وَإِنْ أَخَلَّ ذَلِكَ بِبَلَاغَتِهِ - جَرَاءَةٌ كَبِيرَةٌ عَلَى اللهِ - تَعَالَى -، وَإِذَا كَانَ النَّحْوُ وُجِدَ لِمِثْلِ ذَلِكَ فَلَيْتَهُ لَمْ يُوجَدْ، وَالْقَرْيَةُ - بِالْفَتْحِ - : الضَّيْعَةُ وَالْمِصْرُ الْجَامِعُ، وَأَصْلُ مَعْنَى الْمَادَّةِ : الْجَمْعُ، وَمِنْهُ قَرْيَةُ النَّمْلِ الْمُجْتَمِعُ تُرَابُهَا، وَيُعَبَّرُ بِالْقَرْيَةِ عَنِ الْأُمَّةِ، وَالْخَاوِيَةُ : الْخَالِيَةُ، يُقَالُ : خَوَى الْمَنْزِلُ خَوَاءً، وَخَوَى بَطْنُ الْحَامِلِ، وَقِيلَ : يَعْنِي سَاقِطَةً ؛ مِنْ خَوَى النَّجْمُ إِذَا سَقَطَ، وَالْعُرُوشُ : السُّقُوفُ، وَيَتَسَنَّهُ : يَتَغَيَّرُ بِمُرُورِ السِّنِينَ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ السَّنَهِ، فَهَاؤُهُ أَصْلِيَّةٌ يُقَالُ سَنِهَ " كَتَعِبَ " أَتَتْ عَلَيْهِ السُّنُونَ، وَتَسَهَّنَتِ النَّخْلَةُ : أَتَتْ عَلَيْهَا السُّنُونَ، وَتَسَنَّهَ الطَّعَامُ : تَكَرَّجَ وَتَعَفَّنَ لِطُولِ الزَّمَنِ، أَوْ أَصْلُهُ تَسَنَّى أَوْ تَسَنَّنَ، وَالْهَاءُ لِلسَّكْتِ وَ نُنْشِزُهَا بِالزَّايِ : نَرْفَعُهَا، مِنْ أَنْشَزَهُ إِذَا رَفَعَهُ، وَ " نَنْشُرُهَا " - بِالرَّاءِ - نُقَوِّيهَا، وَمِنْهُمَا حَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ " لَا رِضَاعَ إِلَّا مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ ".
(التَّفْسِيرُ) قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ مَا مُلَخَّصُهُ : لِلْمُفَسِّرِينَ فِي الْآيَةِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الَّذِي مَرَّ عَلَى الْقَرْيَةِ كَانَ مِنَ الصِّدِّيقِينَ أَوِ الْأَنْبِيَاءِ.


الصفحة التالية
Icon