وَأَقُولُ : قَدْ ثَبَتَ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ تُحْفَظُ حَيَاتُهُ زَمَنًا طَوِيلًا يَكُونُ فِيهِ فَاقِدَ الْحِسِّ وَالشُّعُورِ، وَيُعَبِّرُونَ عَنْ ذَلِكَ بِالسُّبَاتِ وَهُوَ النَّوْمُ الْمُسْتَغْرِقُ الَّذِي سَمَّاهُ اللهُ وَفَاةً، وَقَدْ كَتَبَ إِلَى مَجَلَّةِ الْمُقْتَطَفِ سَائِلٌ يَقُولُ : إِنَّهُ قَرَأَ فِي بَعْضِ التَّقَاوِيمِ أَنَّ امْرَأَةً نَامَتْ ٥٥٠٠ يَوْمًا أَيْ بِلَيَالِيهَا مِنْ غَيْرِ أَنَّ تَسْتَيْقِظَ سَاعَةً مَا فِي خِلَالِ هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَسَأَلَ هَلْ هَذَا صَحِيحٌ ؟ فَأَجَابَهُ أَصْحَابُ الْمَجَلَّةِ بِأَنَّهُمْ شَاهَدُوا شَابًّا نَامَ نَحْوَ شَهْرٍ مِنَ الزَّمَانِ ثُمَّ أُصِيبَ بِدَخَلٍ فِي عَقْلِهِ، وَقَرَءُوا عَنْ أُنَاسٍ نَامُوا نَوْمًا طَوِيلًا أَكْثَرُهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَنِصْفٌ، وَاسْتَبْعَدُوا أَنْ يَنَامَ إِنْسَانٌ مُدَّةَ ٥٥٠٠ يَوْمًا أَيْ أَكْثَرَ مِنْ ١٥ سَنَةً نَوْمًا مُتَوَالِيًا. وَقَالُوا : إِنَّهُمْ لَا يَكَادُونَ يُصَدِّقُونَ ذَلِكَ. نَعَمْ إِنَّ الْأَمْرَ غَيْرُ مَأْلُوفٍ، وَلَكِنَّ الْقَادِرَ عَلَى حِفْظِ الْإِنْسَانِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ، و١٥ سَنَةً قَادِرٌ عَلَى حِفْظِهِ مِائَةَ سَنَةٍ، وَإِنْ لَمْ نَهْتَدِ إِلَى سُنَّتِهِ فِي ذَلِكَ، فَلُبْثُ الرَّجُلِ الَّذِي ضُرِبَ عَلَى سَمْعِهِ - هُنَا مَثَلًا - مِائَةً غَيْرُ مُحَالٍ فِي نَظَرِ الْعَقْلِ، وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَنَا