(التَّفْسِيرُ) هَذَا مِثَالٌ ثَالِثٌ لِوِلَايَةِ اللهِ - تَعَالَى - لِلْمُؤْمِنِينَ وَإِخْرَاجِهِ إِيَّاهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَهُوَ كَالَّذِي قَبْلَهُ مِنْ آيَاتِ الْبَعْثِ، وَأَمَّا الْمِثَالُ الْأَوَّلُ - وَهُوَ مُحَاجَّةُ مَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ لِإِبْرَاهِيمَ - فَهُوَ مِنَ الْآيَاتِ عَلَى وُجُودِ اللهِ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ مِثَالٍ وَاحِدٍ فِي إِثْبَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ وَمِثَالَيْنِ فِي إِثْبَاتِ الْبَعْثِ أَنَّ مُنْكِرِي الْبَعْثِ أَكْثَرُ مِنْ مُنْكِرِي الْأُلُوهِيَّةِ ! ! قَالَ تَعَالَى : وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ الْجُمْهُورُ : التَّقْدِيرُ وَاذْكُرْ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَقَدْ صَرَّحَ بِمِثْلِ هَذَا الْمُتَعَلِّقِ فِي قَوْلِهِ : وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ [٧ : ٧٤] وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ وَاخْتَارَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلُهُ، وَالتَّقْدِيرُ : أَوَرَأَيْتَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ إِلَخْ. وَقَالُوا : إِنَّهُ صَرَّحَ هُنَا بِذِكْرِ إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الْمِثَالِ الَّذِي قَبْلَهُ بِذِكْرِ الَّذِي مَرَّ عَلَى الْقَرْيَةِ ; لِأَنَّ فِي سُؤَالِ إِبْرَاهِيمَ مِنَ الْأَدَبِ مَعَ اللهِ - تَعَالَى - وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ فِي سُؤَالِ ذَاكَ، فَصُورَةُ ذَلِكَ صُورَةُ الْإِنْكَارِ وَصُورَةُ هَذَا صُورَةُ الْإِقْرَارِ مَعَ طَلَبِ الزِّيَادَةِ فِي الْعِلْمِ. رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى بَدَأَ السُّؤَالَ بِكَلِمَةِ رَبِّ الَّتِي تُفِيدُ عِنَايَتَهُ - تَعَالَى - بِعَبِيدِهِ وَتَرْبِيَتَهُ لِعُقُولِهِمْ وَأَرْوَاحِهِمْ بِالْمَعَارِفِ لِتَكُونَ ثَنَاءً وَاسْتِعْطَافًا أَمَامَ الدُّعَاءِ


الصفحة التالية
Icon