وَذَكَرَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي الدَّرْسِ وَجْهًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الطَّيْرَ أَكْثَرُ نُفُورًا مِنَ الْإِنْسَانِ فِي الْغَالِبِ، فَإِتْيَانُهَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَةِ أَبْلَغُ فِي الْمَثَلِ، وَسَيَأْتِي الْوَجْهُ الْوَجِيهُ فِي تَفْسِيرِ أَبِي مُسْلِمٍ لِلْآيَةِ، ثُمَّ تَكَلَّمُوا فِي أَنْوَاعِهَا وَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، وَتَكَلَّمُوا فِي أَرْبَعَةٍ فَقَالُوا : إِنَّهُ الْمُوَافِقُ لِعَدَدِ الطَّبَائِعِ، أَوْ لِعَدَدِ الرِّيَاحِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا كَانَتْ أَرْبَعَةً لِيَضَعَ فِي كُلِّ جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ بَعْضَهَا وَهُوَ قَرِيبٌ، وَمَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ إِلَى التَّفْوِيضِ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَاصِمٍ " جُزُؤًا " - بِضَمِّ الزَّايِ - حَيْثُ وَقَعَ، وَالْبَاقُونَ - بِسُكُونِهَا - وَهُمَا لُغَتَانِ، قَالُوا : وَالْمَعْنَى جَزِّئْهُنَّ، وَاجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا، وَرَوَوْا أَنَّهُ ذَبَحَ الطُّيُورَ وَنَتَفَهَا وَقَطَّعَهَا أَجْزَاءً وَخَلَّطَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَلَا يَدُلُّ
الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا أَيِ ادْعُ الطُّيُورَ يَأْتِينَكَ مُسْرِعَاتٍ طَيَرَانًا وَمَشْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَهُوَ بِعِزَّتِهِ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ، وَبِحِكْمَتِهِ قَدْ جَعَلَ أَمْرَ الْإِعَادَةِ مُوَافِقًا لِحِكْمَةِ التَّكْوِينِ.


الصفحة التالية
Icon