قَالَ لِلسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ. هَذَا مَا نُجْلِي بِهِ تَفْسِيرَ أَبِي مُسْلِمٍ وَقَدْ أَوْرَدَهُ الرَّازِّيُّ مُخْتَصَرًا. وَقَالَ :" وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذِكْرُ مِثَالٍ مَحْسُوسٍ فِي عَوْدِ الْأَرْوَاحِ إِلَى الْأَجْسَادِ عَلَى سَبِيلِ السُّهُولَةِ وَأَنْكَرَ - يَعْنِي أَبَا مُسْلِمٍ - الْقَوْلَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ فَقَطِّعْهُنَّ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِوُجُوهٍ :
(الْأَوَّلُ) : أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِ : فَصُرْهُنَّ أَمِلْهُنَّ، وَأَمَّا التَّقْطِيعُ وَالذَّبْحُ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَكَانَ إِدْرَاجُهُ فِي الْآيَةِ إِلْحَاقًا لِزِيَادَةٍ بِالْآيَةِ لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
(وَالثَّانِي) أَنْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِـ " صُرْهُنَّ " قَطِّعْهُنَّ لَمْ يَقُلْ إِلَيْكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَتَعَدَّى بِإِلَى، وَإِنَّمَا يَتَعَدَّى بِهَذَا الْحَرْفِ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى الْإِمَالَةِ. فَإِنْ قِيلَ : لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَالتَّقْدِيرُ فَخُذْ إِلَيْكَ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ ؟ قُلْنَا : الْتِزَامُ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ مُلْجِئٌ إِلَى الْتِزَامِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ.