وَأَمَّا قَوْلُهُ : إِنَّ مَا ذَكَرَهُ أَبُو مُسْلِمٍ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِإِبْرَاهِيمَ فَلَا يَكُونُ فِيهِ مَزِيَّةٌ فَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا الْمِثَالَ لِكَيْفِيَّةِ إِحْيَاءِ اللهِ لِلْمَوْتَى أَوْ لِكَيْفِيَّةِ التَّكْوِينِ : فِيهِ تَوْشِيحٌ لَهَا وَتَحْدِيدٌ لِمَا يَصِلُ إِلَيْهِ عِلْمُ الْبَشَرِ مِنْ أَسْرَارِ الْخَلِيقَةِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ كَانَ عَامًا فِي النَّاسِ، فَيُقَالُ : إِنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ فِيهِ لِإِبْرَاهِيمَ، عَلَى أَنَّهُ يَرِدُ مِثْلُ هَذَا الْإِيرَادِ عَلَى حُجَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَى الَّذِي آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ، وَحُجَّتِهِ عَلَى عَبَدَةِ الْكَوَاكِبِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْحُجَجِ الَّتِي أَيَّدَ اللهُ - تَعَالَى - بِهَا إِبْرَاهِيمَ مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ الرَّازِّيُّ وَغَيْرُهُ. فَهَلْ يَنْفِي ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هِدَايَةً مِنَ اللهِ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِخْرَاجًا مِنْ ظُلُمَاتِ الشُّبَهِ الَّتِي كَانَتْ مُحِيطَةً بِأَهْلِ زَمَنِهِ إِلَى نُورِ الْحَقِّ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ [٦ : ٨٣] الْآيَةَ.