وكأنه قيل : فآتت أكلها ضعفين، ضعفاً بعد ضعف أي : أضعافاً كثيرة، وهذا أبلغ في التشبيه للنفقة بالجنة، لأن الحسنة لا يكون لها ثواب حسنتين، بل جاء تضاعف أضعافاً كثيرة، وعشر أمثالها، وسبع مائة وأزيد. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٢٥﴾
قوله تعالى :﴿فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ﴾
قال الفخر :
الطل : مطر صغير الفطر، ثم في المعنى وجوه :
الأول : المعنى أن هذه الجنّة إن لم يصبها وابل فيصيبها مطر دون الوابل، إلا أن ثمرتها باقية بحالها على التقديرين لا ينقص بسبب انتقاص المطر وذلك بسبب كرم المنبت الثاني : معنى الآية إن لم يصبها وابل حتى تضاعف ثمرتها فلا بد وأن يصيبها طل يعطي ثمراً دون ثمر الوابل، فهي على جميع الأحوال لا تخلوا من أن تثمر، فكذلك من أخرج صدقة لوجه الله تعالى لا يضيع كسبه قليلاً كان أو كثيراً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٥١﴾
وقال أبو حيان :
﴿فإن لم يصبها وابل فطل﴾ قال ابن عيسى : فيه إضمار، التقدير : فإن لم يكن يصيبها وابل كما قال الشاعر :
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة...
أي : لم تكن تلدني، والمعنى : إن الطل يكفيها وينوب مناب الوابل في إخراج الثمرة ضعفين، وذلك أكرم الأرض وطيبها، فلا تنقص ثمرتها بنقصان المطر.
وقيل : المعنى فإن لم يصبها وابل فيتضاعف ثمرها، وأصابها طل فأخرجت دون ما تخرجه بالوابل، فهي على كل حال لا تخلو من أن تثمر. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٢٥﴾
وقال أبو حيان :
ودعوى التقديم والتأخير في الآية، على ما قاله بعضهم، من أن المعنى أصابها وابل.
فإن لم يصبها وابل فطل...
فآتت أكلها ضعفين حتى يجعل إيتاؤها الأكل ضعفين على الحالين من الوابل والطل، لا حاجة إليها.
والتقديم والتأخير من ضرورات الشعر، فينزه القرآن عن ذلك. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٢٥﴾


الصفحة التالية
Icon