قال ابن عباس : في هذه الآية اثنتان من الله تعالى واثنتان من الشيطان.
وروى الترمذِيّ عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله ﷺ :" إن للشيطان لَمّةً بابن آدم وللمَلك لَمَّةً فأما لمّة الشيطان فإيعادٌ بالشّر وتكذيبٌ بالحق وأما لَمّة المَلَك فإيعادٌ بالخير وتصديقٌ بالحق فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله ومَن وجد الأُخرى فليتعوّذ بالله من الشيطان ثم قرأ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ " قال : هذا حديث حسن صحيح.
ويجوز في غير القرآن " ويأمركم الفحشاء" بحذف الباء ؛ وأنشد سيبويه :
أمرتُك الخيرَ فافعل ما أمرتَ به...
فقد تركتك ذا مالٍ وذا نَشَبِ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٣٢٨ ـ ٣٢٩﴾
وقال ابن عاشور :
ومعنى ﴿يعدكم﴾ يسوّل لكم وقوعه في المستقبل إذا أنفقتم خيار أموالكم، وذلك بما يلقيه في قلوب الذين تخلّقوا بالأخلاق الشيطانية.
وسمّي الإخبار بحصول أمر في المستقبل وعداً مجازاً لأنّ الوعد إخبار بحصول شيء في المستقبل من جهة المخبِر، ولذلك يقال : أنجز فلان وعده أو أخلف وعده، ولا يقولون أنجز خَبَره، ويقولون صدق خَبَرِه وصدَق وعده، فالوعد أخصّ من الخبر، وبذلك يؤذن كلام أئِمة اللغة.
فشُبِّه إلقاء الشيطان في نفوسهم توقّع الفقر بوعد منه بحصوله لا محالة، ووجه الشبه ما في الوعد من معنى التحقق، وحسَّن هذا المجاز هنا مشاكلته لقوله :﴿والله يعدكم مغفرة﴾ فإنّه وعد حقيقي.
ثم إن كان الوعد يطلق على التعهد بالخير والشر كما هو كلام " القاموس" تبعاً لفصيح ثعلب ففي قوله يعدكم الفقر مجاز واحد، وإن كان خاصاً بالخير كما هو قول الزمخشري في الأساس، ففي قوله :﴿يعدكم الفقر﴾ مجازان. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٥٩﴾
فائدة
قال أبو السعود :


الصفحة التالية
Icon