فائدة لغوية
قال أبو حيان :
وقوله : فطل جواب للشرط، فيحتاج إلى تقدير بحيث تصير جملة، فقدره المبرد مبتدأ محذوف الخبر لدلالة المعنى عليه، أي : فطل يصيبها، وابتدىء بالنكرة لأنها جاءت في جواب الشرط.
وذكر بعضهم أن هذا من مسوّغات جواز الابتداء بالنكرة، ومثله ما جاء في المثل : إن ذهب عير فعير في الرباط.
وقدره غير المبرد : خبر مبتدأ محذوف.
أي : فالذي يصيبها، أو : فمصيبها طلٌ، وقدره بعضهم فاعلاً، أي فيصيبها طل، وكل هذه التقادير سائغة.
والآخر يحتاج فيه إلى حذف الجملة الواقعة جواباً، وإبقاء معمول لبعضها، لأنه متى دخلت الفاء على المضارع فإنما هو على إضمار مبتدأ، كقوله تعالى ﴿ومن عاد فينتقم الله منه﴾ أي فهو ينتقم، فكذلك يحتاج إلى هذا التقدير هنا أي : فهي، أي : الجنة يصيبها طل، وأما في التقديرين السابقين فلا يحتاج إلاَّ إلى حذف أحد جزئي الجملة، ونظير ما في الآية قوله :
ألا إن لا تكن إبل فمعزى...
كأن قرون جلتها العصيّ.
أهـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٢٥ ـ ٣٢٦﴾
فوائد ولطائف للعلامة ابن عاشور
قال رحمه الله :
ومُثِّل هذا الإنفاق بجنّة بربوة إلخ، ووجه الشبه هو الهيأة الحاصلة من مجموع أشياء تكامل بها تضعيف المنفعة، فالهيأة المشبّهة هي النفقة التي حفّ بها طلب رضي الله والتصديقُ بوعده فضوعفت أضعافاً كثيرة أو دونها في الكثرة، والهيأة المشبّهة بها هي هيأة الجنّة الطيّبة المكان التي جاءها التهتَان فزكا ثمرُها وتزايد فأكملت الثمرة، أو أصابها طلّ فكانت دون ذلك.
والجنّة مكان من الأرض ذو شجر كثير بحيث يجِنّ أي يستر الكائن فيه فاسمها مشتقّ من جنَّ إذا ستر، وأكثر ما تطلق الجنّة في كلامهم على ذات الشجر المثمر المختَلف الأصناف، فأما ما كان مغروساً نخيلاً بحتاً فإنّما يسمى حائطاً.