﴿رَبّ هَبْ لِى حُكْماً﴾ [ الشعراء : ٨٣ ] وهو الحكمة النظرية ﴿وَأَلْحِقْنِى بالصالحين﴾ [ الشعراء : ٨٣ ] الحكمة العملية، ونادى موسى عليه السلام فقال :﴿إِنَّنِى أَنَا الله لا إله إِلا أَنَاْ﴾ وهو الحكمة النظرية، ثم قال :﴿فاعبدنى﴾ وهو الحكمة العملية، وقال عن عيسى عليه السلام إنه قال :﴿إِنّى عَبْدُ الله﴾ [ مريم : ٣٠ ] الآية، وكل ذلك للحكمة النظرية، ثم قال :﴿وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّا﴾ [ مريم : ٣١ ] وهو الحكمة العملية، وقال في حق محمد ﷺ :﴿فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إِلا الله﴾ [ محمد : ١٩ ] وهو الحكمة النظرية، ثم قال :﴿واستغفر لِذَنبِكَ﴾ [ غافر : ٥٥ ] [ محمد : ١٩ ] وهو الحكمة العملية، وقال في جميع الأنبياء ﴿يُنَزّلُ الملائكة بالروح مِنْ أَمْرِهِ على مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُواْ أَنَّهُ لا إله إِلا أَنَاْ﴾ [ النحل : ٢ ] وهو الحكمة النظرية : ثم قال :﴿فاتقون﴾ وهو الحكمة العملية، والقرآن هو من الآية الدالة على أن كمال حال الإنسان ليس إلا في هاتين القوتين، قال أبو مسلم : الحكمة فعلة من الحكم، وهي كالنحلة من النحل، ورجل حكيم إذا كان ذا حجى ولب وإصابة رأي، وهو في هذا الموضع في معنى الفاعل ويقال : أمر حكيم، أي محكم، وهو فعيل بمعنى مفعول، قال الله تعالى :﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [ الدخان : ٤ ] وهذا الذي قاله أبو مسلم من اشتقاق اللغة يطابق ما ذكرناه من المعنى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٥٩ ـ ٦٠﴾
فصل
قال ابن عاشور :
والحكمة إتقان العلم وإجراء الفعل على وفق ذلك العلم، فلذلك قيل : نزلت الحكمة على ألسنة العرب، وعقول اليونان، وأيدي الصينيين.