هكذا كان الأصل ولكنه سبحانه وتعالى عم وعلق الحكم بالوصف فقال :﴿وما للظالمين﴾ أي الواضعين للشيء في غير موضعه ﴿من أنصار﴾ قال الحرالي : ففي إفهامه أن الله آخذ بيد السخي وبيد الكريم كلما عثر فيجد له نصيراً ولا يجد الظالم بوضع القهر موضع البر ناصراً،
وفيه استغراق نفي بما تعرب عنه كلمة من - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٥٢٤ ـ ٥٢٥﴾
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما بيّن أن الإنفاق يجب أن يكون من أجود المال، ثم حث أولاً : بقوله ﴿وَلاَ تَيَمَّمُواْ الخبيث﴾ [ البقرة : ٢٦٧ ] وثانياً : بقوله ﴿الشيطان يَعِدُكُمُ الفقر﴾ [ البقرة : ٢٦٨ ] حث عليه ثالثاً : بقوله ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مّن نَّذْرٍ فَإِنَّ الله يَعْلَمُهُ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٦١﴾
فائدة
قال أبو حيان :
﴿وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فان الله يعلمه﴾ ظاهره العموم في كل صدقة في سبيل الله، أو سبيل الشيطان، وكذلك النذر عام في طاعة الله أو معصيته، وأتى بالمميز في قوله : من نفقة، و : من نذر، وإن كان مفهوماً من قوله : وما أنفقتم، ومن قوله : أو نذرتم، من نذر، لتأكيد اندراج القليل والكثير في ذلك، ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة، وقيل : تختص النفقة بالزكاة لعطف الواجب عليه وهو النذر. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٣٥﴾
فصل
قال الفخر :
في قوله ﴿فَإِنَّ الله يَعْلَمُهُ﴾ على اختصاره، يفيد الوعد العظيم للمطيعين، والوعيد الشديد للمتمردين، وبيانه من وجوه أحدها : أنه تعالى عالم بما في قلب المتصدق من نية الإخلاص والعبودية أو من نيّة الرياء والسمعة
وثانيها : أن علمه بكيفية نية المتصدق يوجب قبول تلك الطاعات، كما قال :﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين﴾ [ المائدة : ٢٧ ] وقوله ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾ [ الزلزلة : ٧، ٨ ]