﴿وما للظالمين من أنصار﴾ ظاهره العموم، فكل ظالم لا يجد له من ينصره ويمنعه من الله، وقال مقاتل : هم المشركون.
وقال أبو سليمان الدمشقي : هم المنفقون بالمن والأذى والرياء، والمبذورن في المعصية.
وقيل : المنفقو الحرام. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٣٦﴾
فصل
قال الفخر :
المعتزلة تمسكوا بهذه الآية في نفي الشفاعة عن أهل الكبائر، قالوا : لأن ناصر الإنسان من يدفع الضرر عنه فلو اندفعت العقوبة عنهم بشفاعة الشفعاء لكان أولئك أنصاراً لهم وذلك يبطل قوله تعالى :﴿وَمَا للظالمين مِنْ أَنصَارٍ﴾.
واعلم أن العرف لا يسمي الشفيع ناصراً، بدليل قوله تعالى :﴿واتقوا يَوْمًا لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شفاعة وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾ [ البقرة : ٤٨ ] ففرق تعالى بين الشفيع والناصر فلا يلزم من نفي الأنصار نفي الشفعاء.
والجواب الثاني : ليس لمجموع الظالمين أنصار، فلم قلتم ليس لبعض الظالمين أنصار.
فإن قيل : لفظ الظالمين ولفظ الأنصار جمع، والجمع إذا قوبل بالجمع توزع الفرد على الفرد، فكان المعنى : ليس لأحد من الظالمين أحد من الأنصار.
قلنا : لا نسلم أن مقابلة الجمع بالجمع توجب توزع الفرد على الفرد لاحتمال أن يكون المراد مقابلة الجمع بالجمع فقط لا مقابلة الفرد بالفرد.
والجواب الثالث : أن هذا الدليل النافي للشفاعة عام في حق الكل، وفي كل الأوقات، والدليل المثبت للشفاعة خاص في حق البعض وفي بعض الأوقات، والخاص مقدم على العام والله أعلم.
والجواب الرابع : ما بينا أن اللفظ العام لا يكون قاطعاً في الاستغراق، بل ظاهراً على سبيل الظن القوي فصار الدليل ظنياً، والمسألة ليست ظنية، فكان التمسك بها ساقطاً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٦٢﴾
لطيفة
قال فى البحر المديد :
طالبُ الدنيا أسير، وطالب الآخرة أجير، وطالب الحق أمير.