فائدة
قال ابن كثير :
وقوله :﴿وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُم﴾ فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها ؛ لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة، من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية، وقال رسول الله ﷺ :" الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمُسِر بالقرآن كالمُسِر بالصدقة" (١)
والأصل أن الإسرار أفضل، لهذه الآية، ولما ثبت في الصحيحين، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" (٢)
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام بن حوشب، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :" لما خلق الله الأرض جعلت تميد، فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت، فتعجبت الملائكة من خلق الجبال، فقالت : يا رب، فهل من خلقك شيء أشد من الجبال ؟ قال : نعم، الحديد. قالت : يا رب، فهل من خلقك شيء أشد من الحديد ؟ قال : نعم، النار. قالت : يا رب، فهل من خلقك شيء أشد من النار ؟ قال : نعم، الماء. قالت : يا رب، فهل من خلقك شيء أشد من الماء ؟ قال : نعم، الريح. قالت : يا رب، فهل من خلقك شيء أشد من الريح ؟ قال : نعم، ابنُ آدم يتصدق بيمينه فيخفيها من شماله" (٣)

(١) رواه أحمد في المسند (٤/١٥١) وأبو داود في السنن برقم (١٣٣٣) والترمذي في السنن برقم (٢٩١٩) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، وقال الترمذي :" هذا حديث حسن غريب".
(٢) صحيح البخاري برقم (٦٦٠، ١٤٢٣) وصحيح مسلم برقم (١٠٣١).
(٣) المسند (٣/١٢٤).


الصفحة التالية
Icon