من فوائد ابن القيم فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى ﴿إن تبدوا الصدقات فنعما هي﴾ أي فنعم شيء هي وهذا مدح لها موصوفة بكونها ظاهرة بادية فلا يتوهم مبديها بطلان أثره وثوابه فيمنعه ذلك من إخراجها وينتظر بها الإخفاء فتفوت أو تعترضه الموانع ويحال بينه وبين قلبه أو بينه وبين إخراجها فلا يؤخر صدقة العلانية بعد حضور وقتها إلى وقت السر وهذه كانت حال الصحابة
ثم قال ﴿وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم﴾ فأخبر أن إعطاءها للفقير في خفية خير للمنفق من إظهارها وإعلانها وتأمل تقييده تعالى الإخفاء بإيتاء الفقراء خاصة ولم يقل : وإن تخفوها فهو خير لكم فإن من الصدقة ما لا يمكن إخفاؤه كتجهيز جيش وبناء قنطرة وإجراء نهر أو غير ذلك وأما إيتاؤها الفقراء ففي إخفائها من الفوائد الستر عليه وعدم تخجيله بين الناس وإقامته مقام الفضيحة وأن يرى الناس أن يده هي اليد السفلى وأنه لا شيء له فيزهدون في معاملته ومعاوضته وهذا قدر زائد من الإحسان إليه بمجرد الصدقة مع تضمنه الإخلاص وعدم المراءاة وطلبهم المحمدة من الناس وكان إخفاؤها للفقير خيرا من إظهارها بين الناس، ومن هذا مدح النبي ـ ﷺ ـ صدقة السر وأثنى على فاعلها وأخبر أنه أحد السبعة الذين هم في ظل عرش الرحمن يوم القيامة ولهذا جعله سبحانه خيرا للمنفق وأخبر أنه يكفر عنه بذلك الإنفاق من سيئاته ولا يخفى عليه سبحانه أعمالكم ولا نياتكم فإنه بما تعملون خبير. أ هـ ﴿طريق الهجرتين صـ ٥٥٦﴾.


الصفحة التالية
Icon